يمثل الإصلاح ظاهرة من مظاهر الوعي المرتبط بتدهور الأوضاع الداخلية والأخطار الخارجية المحدقة بالمغرب. وأعني به، مختلف الإجراءات التنظيمية والتجهيزات التي اضطر السلطان مولاي الحسن إلى إحداثها وإدخالها لتقوية بلده، ولمواجهة ضغوط وتحديات الدول الأوروبية الاستعمارية. وهذا يقتضي ضرورة تغيير نظم الدولة وتوجيه نشاطها طبقا للتحولات السريعة والمستمرة، وبتقليد العالم الغربي واقتباس تقنياته وتنظيماته. وعليه فالإصلاح هنا يستند إلى مدى الانفتاح على التجارب الأوروبية والنهل منها. برزت حركات الإصلاح في المغرب من خلال الرد على الضغط العسكري الأوروبي الذي هدف إلى بسط سيطرته ونفوذه عليه، بعد هزيمة إسلي سنة 1844م أمام فرنسا، وهزيمة تطوان سنة 1860م ضد اسبانيا، مما انعكس سلبا على أجهزة الدولة سياسيا وعسكريا واقتصاديا، ومهد الطريق للاستعمار، وشكل ذلك نقطة تحول خطيرة في تاريخ البلاد؛ حيث انهارت فيها سمعته العسكرية لأول مرة في التاريخ الحديث، وثارت نتيجة لها النفوس وقلت هيبة السلطان، وأحدثت الهزيمة صدمة عنيفة للمغاربة، ف"كانت مصيبة عظيمة وفجيعة كبيرة لم تفجع الدولة الشريفة بمثلها" ، وكان الأثر النفسي لها قويا، حيث أحدثت اضطرابا في كل أنحاء البلاد، وشجعت التسرب الأجنبي، واستفحلت ظاهرة الحماية القنصلية، وتسببت في أزمة مالية خانقة، أدت إلى إفراغ الخزينة، نتيجة الغرامة الحربية التي فرضتها اسبانيا على المغرب مقابل الجلاء عن تطوان.
إضافة إلى الضغط العسكري، بدأ مسلسل الضغط الاقتصادي الأوروبي بإرغام المخزن على توقيع اتفاقيات غير متكافئة، تستهدف إلى إرساء دعائم التسرب الأوروبي، بما نصت عليه من امتيازات للتجار الأجانب، فمثلا اتفاقية 1856م مع بريطانيا، أقرت مبدأ حرية التجارة وألغت معظم الاحتكارات السلطانية، وحددت الرسوم الجمركية في 10%. كما منحت حرية التنقل للتجار البريطانيين وحق الملكية داخل المغرب، وفي ميدان القضاء تم الاتفاق على خضوعهم لقوانين بلادهم، حيث أصبح للقنصل البريطاني الحق في الفصل في القضايا التي يكون الأجنبي طرفا فيها، وأعطت أعوان القناصل وسماسرة التجار وشركاءهم امتيازات قضائية وجبائية. وشكل توقيعها مسا خطيرا بالبلاد، ذلك أن مراقبة التدخل الأوروبي أفلتت من يد المخزن، ففي صراعه ضد الإمبريالية الأوروبية، فقد المغرب واحدا من أهم أسلحته هو التشريع الجمركي، كما تخلى عن حقوقه القضائية تجاه الأوربيين والمحميين من المغاربة، وأخلت معاهدة 1856م بالتوازن لصالح بريطانيا، ومن ثم ساهمت في إذكاء النزاعات بين القوى الأوروبية المهتمة بالمغرب، فحاولت الحصول على امتيازات جديدة لصالحها، وهو ما تأتى لإسبانيا في اتفاقية 1861م، التي منحت حق الملكية العقارية للرعايا الإسبان، وفتحت أمامهم موانئ المغرب ومصايده الساحلية وحددت حقوق التصدير، وتؤكد حق الحماية الإسبانية للرعايا المغاربة. كما وقع المغرب نفس الاتفاقية مع فرنسا سنة 1863.
وهكذا وضعت هذه الاتفاقيات الأسس القانونية لعلاقات المغرب مع أوروبا التي أخذ نفوذها يتصاعد دون أن يستطيع المخزن إيقافه، وازدادت تبعية المغرب لها. ولم يستطع الجهاز الإداري المخزني مواجهة هذه الضغوط الأوربية في بداية القرن التاسع عشر؛ لأنه كان جهازا بسيطا ومتواضعا في تنظيماته، وكان عدد أفراده قليلا وغير مستقر، كما طبعته المرونة التامة في تحديد مهام كل فرد؛ لأن ذلك كان يتوقف على مقدرتهم أو طريقة تعاملهم، وعلى مدى اهتمامات السلطان أكثر مما يتوقف على أعراف وتقنيات إدارية. واستمرت هذه البنية حتى منتصف القرن التاسع عشر، حيث بدأ المخزن يطور هياكله بحكم الواقع الجديد، بعد أن اضطر السلطان محمد بن عبد الرحمان ( 1859-1873م) إلى إعادة النظر في كثير من مؤسسات الدولة سواء في الميدان الإداري والعسكري، أو في المجال المالي أو الجبائي والنقدي، أو في ميدان التجارة الخارجية. وتوسعت دائرة هذه الإصلاحات في عهد خلفه مولاي الحسن (1873-1894م)، الذي ورث مغربا مطوقا بالكثير من المشاكل، وكان عليه أن يبذل جهودا جبارة لإخراج البلاد من الورطة التي توجد فيها، وهو يواجه التهديدات الأجنبية والإمكانيات المادية المتواضعة، والأوضاع الداخلية المتردية بغياب الأمن الناتج عن انهيار السلطة، وانتشار التمرد في كل أنحاء البلاد، وجعل السكان يعيشون تحت رحمة ظاهرة اللصوصية وقطاع الطرق ، مما دفع هذا الوضع مولاي الحسن إلى التوجه نحو الخارج قصد الاستفادة من الخبرات الأجنبية من أجل النهوض بأوضاع مجتمعه في كافة الميادين، وأدرك حتمية نهج سياسة إصلاحية، تهم عدة مجالات من بينها الميدان الإداري، الذي كان فيه للمقترحات الأوروبية، وضغوطها خاصة من طرف بريطانيا دورا كبيرا للشروع فيها. فما هي أهم الإصلاحات الإدارية التي شهدها المغرب على عهد مولاي الحسن؟ تابع مولاي الحسن سياسة الإصلاحات الإدارية التي بدأها سلفه ، بعد تفطنه إلى أن البناء التقليدي للدولة المغربية المرتكز على الأنظمة العتيقة لم يعد صالحا لمواجهة مشاكل العصر التي تكاثرت وتعقدت، ولم يعد مجديا إزاء التقدم الأوربي الحديث، لذا فالإصلاح بالنسبة إليه أصبح قضية حيوية وضرورية للخروج من وثيرة الركود والإحجام، وتكوّن في نفسه شعور بالحاجة للتجديد وانتحال وسائل التقدم والنهوض . كما أدرك أن الزمن تبدل وأن إكراهات الواقع لا حد لها، وأن استشارة الفقهاء أصبحت لا تجدي نفعا كثيرا، فقرب منه النخبة التجارية الحضرية العارفة بأحوال المال والأعمال في العالم المعاصر، فأصبح العمل من أجل إصلاح الدولة وتقوية أسسها قناعة لا مندوحة عنها عنده، إن لم نقل اختبارا له لقياس حدود تقبل مكونات المجتمع المغربي، لمبدأ التحول والتغيير من عدمه، ف"إن التجديد منه ما يكون ظاهريا، ومنه ما يكون باطنيا، ومنه ما يظهر نتائجه للعموم وتناله الفهوم، ومنه ما سره مكتوم لا يظهر إلا للخصوص...وهذا الإمام الذي ألقت إليه خلافة الله في أرضه الزمام، فإلقاؤها الرسن إليه، وقع في حيز إبان التجديد من غير خلف ولا ترديد، وطاوعته بحسن الانقياد وكمال التمهيد، حتى فيما كان يجرم أنه لا يدرك من كل إقليم وقطر صعب أو بعيد" . تمحورت إصلاحات مولاي الحسن حول قطاعات على درجات بالغة التأثير والأهمية، فمنها ما له صلة بالأمن والحدود والوحدة الترابية بالعمل على إصلاح الجيش، والنظام الجبائي الذي أصبح موضوع استفهام واستياء بعد حرب تطوان، وما نجم عنها من مشاكل مالية. وأخرى لها علاقة بوضعية المغرب الجيو- استراتجية ومكانته داخل التيارات التجارية الدولية، وأساسا رهانات القوى الأوربية، لأن يدمج بالمنظومة الدولية الرأسمالية ويرتبط بمحاورها وأسواقها الاقتصادية. كما عمل إصلاحات في مجالات مختلفة، من بينها الإدارة التي تعرضت لنقذ أوربي من طرف السفراء والقناصل والتجار والرحالة، ولنقذ محلي من العلماء والفقهاء . وهدف السلطان مولاي الحسن من الإصلاح الإداري تكوين موظفين مدربين مختارين، يتقاضون رواتب معلومة، ويطبقون قوانين عامة ويخضعون لتنظيم محكم، قصد توفير مِؤسسات قادرة على الاضطلاع بالدور المنتظر منها، والضرب بيد من حديد على موظفي الدولة المتهاونين، والقضاء على عوامل الاستبداد والظلم، وسد الفراغ الذي تشكو منه البلاد في بعض الميادين. فقام بتدعيم الوزارات السابقة وتوسيعها مع مراعاة عناصر الكيف والتخصص، كما أنشأ وزارات جديدة.
1.أمانة الأمناء كان ارتشاء الموظفين وخاصة العاملين في المالية من أسباب عدم فعالية الإدارة، ومن دواعي تذمر السكان. وقد وصف دراموند هاي (Dramand Hay) حالة التلاعب في المراسي بقوله:"...فلا أننا نستغرب في هذا النهب، حيث أن كثيرا من الأمناء لا يتوصلون للخدمة إلا بإبدال الرشاوي لكبير الأمناء وغير الخدام بالحضرة الشريفة، وحيث هذه الرشاوي هي قدر ما يقبضه المهدي والمرتشي في ستة أشهر أو نصف ذلك...فلا بد من التأمل كيف يكون دواء هذا...إذ غض الطرف عن الأمناء يزعم الغير في زيادة الفساد للذين هم عليه" . كما هدف المخزن الحسني في ضبط شؤون المراسي، الرفع من مداخيلها والتمكن من تسديد ما تبقى من الغرامة الحربية الاسبانية، وأقساط القرض الانجليزي. علاوة إلى توفير نفقات للإصلاحات التي باشرها في الميادين الأخرى، وحماية بيت المال من النهب . وكان للمالية ضمن الإصلاحات في فترة مولاي الحسن نظاما خاصا، فأصبحت ذات أهمية واضحة، بإعادة تنظيم جهازه المالي الذي يتولاه "أمين الأمناء". يباشر أمين الأمناء الأمور المتعلقة بأملاك وأموال المخزن، ويؤدي النفقات ورواتب المستخدمين والجند والصلات للأشراف والأعيان، وذوي الفاقة ومؤونة دار المخزن. ويقبض بواسطة الأمناء الضرائب المختلفة وأعشار الديوانة والمستفاد وأكرية الأملاك المخزنية، وما ينزع من أموال العمال والقواد من أهل الظلم والغصب ، ويراقب السلع ليعلم هل خضعت للضريبة الجمركية أم لا . وبالجملة يشرف على بيت المال ويباشر جميع المداخيل والمصاريف للمخزن. ويدخل في اختصاصاته أيضا النظر في تعيين أمناء المراسي والأملاك المخزنية والمستفادات، وفرض مراقبة صارمة عليهم، فأصبح يتنقل باستمرار لتفقد أحوالهم ويراجع أعمالهم. وكان تعيين مختلف الأمناء في سائر الجهات رهن إشارته بعد موافقة السلطان . ونظرا لأهمية منصب المالية بكونه وظيفة عالية، فإنه يأخذ من المخزن أهمية عظمى، ولا يشرف عليه إلا المقتدر الكفء من ذوي المروءة والدين والمعرفة. وتولى محمد التازي هذا المنصب في سنة 1296/1879، و"أسند إليه أمر خراج المغرب ومراسيه ومستفاداتها وما يتبع ذلك من صوائرها، وفوض إليه في ذلك تفويضا تاما لعلمه وأمانته وضبطه؛ لأنه "من أمثل أهل المغرب وأصدقهم وأنصحهم للسلطان، وأشدهم غيرة على الدين والوطن، حتى لو كان في الدولة عشرة رجال على شاكلته ومذهبه، لكان يظن أن يكون لها بذلك النجاح التام" . وكان التازي يمارس التجارة، وجاب كثيرا أقطار أوربا، وفي سنة 1887 أسس فرعا تجاريا بجبل طارق ، مما أكسبه دراية بالمال وشؤونه. وبعد تعيينه، أصبح للتازي وحده حق التصرف في عزل وتنصيب من يريد من الجالسين بأماكن القبض من جهة، ومحاسبتهم وحيازة ما يتحصل بأيديهم ودفعه لأمناء دار العديل من جهة ثانية. بحيث من استحسن إقراره على الجلوس بمحل من تلك المحال يقره، ومن أراد عزله وإبداله يعزل ويبدل بغيره . وبهذا صار التازي يدبر شؤون قطاعه بكثير من الاستقلالية. وكان لأمين الأمناء بنيقته، كمقر خاص به للعمل بدار المخزن على غرار باقي الوزراء. شرع التازي في ترتيب مستفادات فاس وفق ما أمر به، وقام بعزل بعض المسِؤولين وتنصيب جدد بدلهم، وذلك ما يتضح من الرسالة التالية: "وبعد فليكن في علم سيادتكم أننا لما شرعنا في الخدمة، وصرنا نتفقد جلاس كل محل، فظهر لنا إبدال جلاس سوق البهائم، فجعلنا فيه الحاج محمد الموفق والحاج أحمد بنونة، وقد ظهرت نجابتهما في المدخول حسبما يصلكم بعد هذا، وكذلك وجدنا فندق الجلد لا نحصل فيه على طائل، فظهر لنا إبدال من وجدنا فيه، وجعلنا مكانهم الأمين الحاج محمد القباج والحاج محمد أزويتن، وها نحن نرتب الأماكن عن جد إن شاء الله" .
وظل منصب أمين الأمناء من تخصص عائلة التازي منذ إحداثه. فعندما توفي محمد التازي عام 1890، عين السلطان أخاه عبد السلام خلفا له، وكان بدوره من كبار التجار مع أوربا، وشغل أمانة بعض المراسي. وقام كسلفه بتوجيه رسائل للأمناء يحثهم فيها على احترام مهامهم، من ذلك توبيخه أمناء مرسى العدوتين على تعيينهم ليهودي كقابض لواجبات الأبواب باعتباره مخالف لعوائد وحقوق المخزن الذي لا يسلم هذه الوظيفة إلا للمسلمين . ومن الإجراءات المتخذة لترتيب الجهاز المالي، أنه تم تعيين أمناء من بعض قبائل الجنوب لأول مرة بواسطة ظهائر. وأمر السلطان بدفع جميع تعويضات السفر للأمناء الجدد للالتحاق بمقر عملهم. ووجه أوامره لعمال المدن بشد أزر الأمين حتى لا يتعرض لمشاكل تخص عمله.
وخضع الأمناء الجدد للتدريب تحت إشراف نظرائهم المقالين، وكان جلهم في المدن من عائلات غنية ومشهورة مثل الحاج عبد السلام لحلو . ويبدوا أن اختيار الأمناء من بين الأغنياء، يرجع إلى أن ثروتهم تشكل ضمانة مادية، تمد الدولة إليها يدها عند الاقتضاء، ولأن يسرهم المادي من شأنه أن يكف أطماعهم في مال الرعية والدولة . كما يتم اختيار أمناء المراسي والمستفادات من أهل التجارة؛ لأنهم أعرف الناس بالسوق والمبادلات وأكثرهم اتصالا بالأجانب، مما يكسبهم خبرة مالية ودراية في المعاملات لا تتوفر لغيرهم. وعين المخزن الحسني في كل مرسى ثلاثة أمناء، الأولين أجنبيين عن المرسى، والثالث هو الذي يكون من أهل المرسى، ويعملون بمقر يعرف ب"دار الأعشار" لمراقبة تجارة المغرب الخارجية، وتحصيل الرسوم الجمركية على السلع الصادرة والواردة، والإنفاق مما تجمّع لديهم في مختلف الأوجه، كتسديد ديون الدول الأجنبية على المغرب، وأداء أثمان المشتريات ونفقات الإصلاحات ورواتب الموظفين، وتجهيزات المرسى الضرورية ونفقات المدينة والمناطق المجاورة للمرسى، وتعهد أملاك المخزن والمنشآت العمومية . غير أنه لا يسمح لهم بتصدير بعض البضائع مثل الزيوت، كما تم تحديد فترة إباحة تصدير الحبوب. ويتولى أمناء المستفاد الإشراف على جباية الضرائب على التجارة الداخلية وموارد الأملاك المخزنية وتركات من لا وارث له، وفوائد البريد والجزية، وبعض الأعشار العينية وهدايا الأعياد التي يتكلف بها العامل بجمعها وتقديمها للسلطان. ويتكلفون بتكاليف النهوض بالحركات بشراء عدد من التبن والشعير لعلف الدواب، وصنع الخزائن والبرادع والعدد اللازم من قروش المجال، قدر بألف وخمسمائة قرش . ومن المهام المضافة للأمناء في عهد مولاي الحسن الإشراف على تكاليف ونفقات الطلبة الموجهين إلى البلاد الأجنبية، ومن ذلك ما نستشفه في كلامه: "وبعد، فقد وجهنا صحبته خمسة عشر من نجباء الطلبة بقصد التوجيه لبر النصارى لتعلم طبجيت والهندسة...كما أمرنا الأمناء أن ينفذوا لهم مدة إقامتهم بطنجة" . وحرص السلطان على اختيار الأمناء من أهل الجد والصدق، ليكونوا مكلفين بقبض المداخل في المراسي، وأمر بعدم تدخل العمال في شؤونهم، وأن لا تكون وساطة بينهم وبينه. ومنعهم من ممارسة أي نشاط تجاري بالمراسي التي يشتغلون بها، وإقرار مرتب شهري لهم، ومن ثبتت خيانته يعاقب كالسارق . وأحدث مولاي الحسن مصلحة تقوم بتخليص القوائم الواردة من المراسي وغيرها، وتسجيلها بالدفاتر المعدة لها، قصد الاهتمام المتزايد بالسجلات والمستندات والتدقيق في الحسابات ومراقبة صحتها بوسائل مختلفة، لتنظيم الأجهزة المخزنية وتطوير أساليب الضبط الإداري . وقام السلطان بتعيين أمناء جدد على الصعيد المحلي بجانب القواد من أجل استخلاص الجبايات، ويختارون من رجال القبيلة من فئة الأعيان. وكانت مراسلات الأمناء المحليين لا تصل إلى الأمناء المركزيين، وإنما تصل إليه ليفتحها بنفسه إذا ارتأى فائدة ذلك. وكانت أوامر الأمناء المركزيين وملاحظاتهم لا تأخذ طريقها إلى المحليين إلا إذا تمت موافقته عليها، فالكل مسؤول عن تصرفاته أمامه . ومن جانب آخر، كان الأمناء يخبرون السلطان بتجاوزات العمال بما يجري في مناطقهم من أحداث وممارسات كيفما كانت أهميتها، ويبدوا أن العاهل قد خول لهم هذه الصلاحيات، كما جاء في ظهير تعيين مولاي الحسن بعض الأمناء بقوله: "يعلم من كتابنا هذا...أننا...ألباسنا خدامنا الطالب عبد المالك الزيراوي اليسفي والطالب صالح بن الهاشمي...فالأولون أمناء وعلى كل شاذة وفادة شهداء" . ويشهد على ذلك أيضا ما جاء في رسالة أمناء ايت عياش إلى السلطان في 28 جمادى الأولى 1303/1886 قائلين:"...فليكن في كريم علمك أن فرقة من ايت عياش إيالة العامل عبد الوهاب اسمهم ايت علي بوبكر، وجب لهم ثلاثة حراك وتعرض لهم العامل المذكور، وأخذ من كل واحد منهم خمسة وثلاثون ريالا وامتنعهم من الحركة الشريفة، وعليه سيدنا كتبنا لك بهذا، لتكون على بال منه، لئلا يشتكي عليك بفسادهم، وقد أخبرناك لتكون على بال منه، لئلا يقلب لك الحقيقة" . وكان السلطان مولاي الحسن ينوي تعيين أجور للوزراء، لكنه يرى أنه حتى ولو فعل ذلك، لن يقطع دابر الرشوة؛ لأن المسؤولين اعتادوها .
وقد اعترف السلطان بنفسه، أن الرواتب التي يتقاضاها رجال المخزن لا تكفيهم، وذلك ما نستشفه من كلامه لمحمد بركاش: "وكون سفرك يلزمك في صائره على نفسك فيما لابد منه الألف ريال في تعداد الكساوى لك، وما يناسب لأصحابك والفراش...وراتبك لا يكفيك لصائرك بطنجة فضلا عن صائرك بالرباط" . وبرر السلطان ضعف الرواتب بقوله:"وما ذكرته من كون راتبك لا يكفيك لصائرك...فإنا نعرف ذلك ونعتقده ونحن أولى بمواساتك وإعانتك، وكل ما يعطى لك في محله، لولا أن المخزن اليوم واجب أن يعان ولا يخفاك ما نخرجه كل شهر في مشاهرات النجليز والصبليون والآلات الجهادية والبناء لها" . وبهذا تعددت مهام وأدوار الأمناء، بهدف السهر على مصالح المخزن المركزي المالية وتأمين موارده، وتسهيل مأموريته، وإعلامه بدقائق الأمور الجارية في مناطقهم. 2.وزارة الأمور البرانية "الخارجية" يبدوا أن وزارة الأمور البرانية تكونت بعد الاتصالات المكثفة والمتصلة مع الدول الأوربية التي أخذت تتنافس من أجل السيطرة على المغرب. ولتطور مسألة المحميين التي أسفرت عن صعوبات في العلاقات السياسية بينه وبين هذه البلدان، حيث تطاول المحميون على الحكام المخزنيين، وتفاحش أمرهم إلى أن وصلت الحالة إلى درجة كاد أن يتعذر معها تنفيذ أوامر المخزن في الرعية، وبدأ ترامي الأجانب والمحتمين على أراضي الدولة، ويشهد على ذلك ما جاء في رسالة السلطان: "فقد بلغنا أن أرض المخزن التي بناحية طنجة وقع الترامي عليها وتناولتها الأيدي من غير موجب، وأن كل من يملك بإزائها خمسين خطوة استولى على مائة وخمسين مما والاها من أرض المخزن، حتى أدى ذلك إلى الاستيلاء على غالبها" . وأمام هذا الواقع الجديد ازدادت الحاجة إلى جهاز إداري يعالج هذه القضايا الدبلوماسية، فعجل بتأسيس وزارة الشؤون البرانية سنة 1885. كان من مهام وزير الخارجية مراسلة ممثلي وسفراء الدول الأوربية والقيام بالوساطة بينهم وبين السلطان ، والاهتمام بالجوانب الدبلوماسية والعلاقات مع القوى الأجنبية ، بوضع الاتفاقيات والمعاهدات معها، وتحرير الرسائل الموجهة إليها، والقيام بدراسة شؤون كل بعثة أجنبية في المغرب . كما يتلقى الشكاوى والالتماسات من ممثلي الأجانب، ويبلغ إليهم أجوبة المخزن. ويراسل الممثلين المخزنيين المحليين فيما يتعلق بقضايا المحميين، وبكيفية معاملات الأجانب في مناطقهم ، بعد أن صارت الحمايات كارثة بعد حرب تطوان. وكانت هذه الوزارة تنظر في ما اغتصب من حقوق المغاربة بالإكراه من طرف الدول الأجنبية كالسرقة من غير اعتماد لا على نصوص المعاهدات ولا على تشريع مغربي داخلي. وقد عبر مولاي الحسن عن خطر هذا المشهد قائلا: "إن إدارتنا تكاد لا تجد في البلاد من هو باق تحت سلطانها من جراء ما منحته الدول الأجنبية من حمايات غير مشروعة" . وتعالج هذه الوزارة مشاكل اليهود داخل المغرب ، ويتضح ذلك من خلال معاتبة وزير الأمور البرانية للقائد محمد ويدة السوسي على معاملته السيئة لليهود، ووعدهم بأن يكونوا في أمن وآمان باعتبارهم أهل ذمة السلطان، وشدد الوزير على أن السلطان أمره بحسن معاملتهم بمثل ما يعامل به نظرائهم المسلمين . ويتكلف وزير الأمور البرانية، بشؤون القرصنة ومشاكلها أو بقضايا الأسرى وافتكاكهم، وكان هدف هذه الوزارة الدفاع باللسان والقلم وسلوك سياسة التوازن، التي تدور على استغلال التنافس الدولي حول المغرب، ومماطلة نواب أوربا في مطالبهم. كما تعمل هذه الوزارة على المحافظة على حدود المغرب التاريخية ومقاومة التدخل الأجنبي وتطوير علاقات المغرب مع بعض الدول الأوربية. ويترأس وزير الأمور البرانية حفل استقبال سفراء الدول الأجنبية بمعية قائد المشور وعامل البلدة . ويعتبر آخر من يستقبله السلطان من الوزراء. تولى منصب وزير الأمور البرانية في عهد مولاي الحسن، السيد محمد المفضل غريط، وقد وجاء في ظهير تعيينه مايلي:"...وقد كلفنا كاتبنا الطالب محمد غريط بمباشرة ما يرفع منها (الرسائل) لحضرتنا الشريفة، وبأجوبة النواب عنها، وخصصناه بذلك اعتناء بشأنها...على أن كتابتهم لحضرتنا الشريفة إنما هي على المحبة والسر، وإلا فالأمور الرسمية المخزنية من وظيفة نائب المخزن بطنجة...والكثير منهم يراعي هذا، ويكتب لحضرتنا الشريفة بتكليف نائب المخزن بطنجة بمباشرة فصل دعاويه" . 3.تنظيم الكتابة نظم مولاي الحسن مصلحة الكتاب، حيث صارت مقسمة إلى عدة دواوين، وفي كل واحد منها رئيس له عدة كتبة نحو الستة دواوين، منها ما كتابه يبلغون الستين، ومنها ما كتابه، يبلغون العشرين ففوق، ومنها ما دون ذلك، والجميع في شغل شاغل مما يصدره لهم عن السلطان مولاي الحسن عن نظره ورأيه وأمره . 4.تنظيم البريد اتخذ المخزن الحسني البريد وسيلة لمهماته السياسية والإدارية وجعل له ثمانية خطوط. إذ حاول السلطان أن يرتب البريد المغربي ترتيبا محكما. وشرع في ذلك سنة 1892م، عمليا من مدينة الجديدة إلى مدينة مراكش بقصد التجربة. ثم وضع تخطيطا لتعميمه بين مدن سائر البلاد. ومن التدابير التي قام بها في هذا المجال أن السلطان حدد لحملة البريد الأجرة في حالة القيام بالمهمة بالفعل، وهذا ما يفهم من كلامه: "يكتب (الرقاص) لأمين الرباط بالعذر المانع من رجوع المنهض من قبله ليصير له أجرة الذهاب فقط التي هي نصف أجرته المعتادة للذهاب والإياب، وهو يصير أجرة ذهاب المنهض من قبله بدلا" . كما جعل السلطان لكل مدينة طابعان، أحدهما يطبع به على المكاتيب والآخر يطبع به على الشكارة، ويتخذ الأمناء المأمورين بإنهاض الرقاصين ما يكفيهم من الحقائب الجلدية، ويصير ثمنها في حساب المكاتيب. ويسجل كل أمين عدد الرسائل الموجه لكل أرض مع الرقاص. وعند تسليمها من طرف أمين آخر، يضع عليها طابعه كدليل على توصله بالمكاتيب . ويدون الأمين الصائر على الرسائل في الحقائب وأجرة حملة البريد. وحددت أثمنة المكاتيب حسب وزنها، فمثلا إذا كان وزنها نصف أوقية فالثمن هو أقل من ثمان موزونات . ويلزم الأمناء بعد كل ستة أشهر أن يوجهوا تقارير حسابية تتضمن تفاصيل المداخيل والمصاريف المتعلقة بالبريد إلى السلطان . 5.إصلاح الإدارة المحلية لاشك أن التطورات الاقتصادية والسياسية التي جدت في المغرب خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، نتيجة الضغوط المالية والاقتصادية الأوربية المتصاعدة، وما ترتب عنها من انعكاسات سلبية على معاش السكان وبيت المال، قد أرغمت المخزن على إعادة النظر في هياكل الإدارة المحلية، بكيفية تمكنه من الحصول على المزيد من الإيرادات المالية. حيث أخذت الأمور بمجيء السلطان مولاي الحسن تتغير وتتخذ مسارا آخر، فقد أدخل هذا الأخير على إدارة القبائل عدة إصلاحات، وأعاد تنظيمها على أسس تنطوي على شيء من الجدة. وكانت سياسته في هذا الباب، ترمي إلى تفتيت العصبيات القوية وتفريق كلمتها حتى يتسنى للدولة إحكام قبضتها على الرعية، وإخضاعها لسلطتها ونفوذها. ومن جهة أخرى تهدف إصلاحاته المحلية إلى إضعاف نفوذ كبار القواد، والحد من سلطتهم ونفوذهم، ووقف الصراعات بينهم حول مناطق النفوذ ، وتعويضهم بعدد من القواد الصغار. كي يسهل على السلطان مراقبتهم، والضرب على أيديهم كلما استوجب الأمر ذلك، "ونهى القواد عن أخذ أموال الرعية والدعيرة بالمال، وأعلمهم بأن لا يدفع أحد لعامله شيئا إلا عن إذنه" . ومن أجل وضع حد لتصرفات القواد، قسم مولاي الحسن القيادات القديمة إلى قيادات ثانوية وأحدثت قيادات جديدة، فصار التقسيم الإداري للإيالة المغربية موزع على ثلاثمائة قيادة ، وعين عددا من القواد وكلفهم بالوقوف في عين المكان على عملية عد رؤوس الماشية واستخلاص مستحقات المخزن من واجب الزكاة والأعشار والغرامات، فمثلا قسم سوس تقسيما إداريا انبنى على تعيين عدد من القواد، حيث عين على كل فخدة أو فرقة صغيرة من قبيلة قائدا أو خليفة، فعين مثلا على "هوارة" وحدها 10 قواد . وتضمن إصلاح الإدارة المحلية ممثلين اختلفوا من حيث انتماءهم القبلي ومصدر اختيارهم. وأسند لوفود القبائل اختيار القواد والشيوخ، ثم يتولى السلطان إصدار ظهائر التولية لتحديد سلطة ممثلي المخزن المركزي بالقبيلة. وينقل السلطان نفس القائد من منطقة إلى أخرى لمصلحة معينة، من ذلك أنه عزل قائد الدار البيضاء محمد بن إدريس الجراري، وولى مكانه عبد الله بن قاسم حصار السلاوي، ثم كتب إليه السلطان وعينه على الجديدة قائلا: "خديمنا الأرضى الطالب محمد بن إدريس الجرار...فقد أعفيناك من ولاية الدار البيضاء ووليناك على الجديدة، ولم نعزلك عنها سخطا لسيرتك ولا هضما لجانب خدمتك، وإنما اقتضت المصلحة ذلك تقديما للأهم فالأهم، وأنت منا وإلينا ودارك دار الخدمة والصلاح فلا نسلمكم ولا نفتكم ولا نهضم لكم جانبا" . وكان السلطان يختار القواد من ذوي الرأي السديد، ويتضح من رسالته بقوله: "وقد نصبنا قائدا من قواد جيشنا السعيد، مختارا من ذوي الرأي السديد، وأقمناه بقصبة تيزنيت محل المخزن في القديم، بقصد أن يكون إعانة لسائر عمال القطر السوسي" . كما تخلى مولاي الحسن عن السياسة المتبعة زمن أبيه، والتي كانت تقتضي إبدال العمال كلما ثارت عليهم قبائلهم، لما تنطوي عليه من تشجيع للقبائل على التمرد، والنسج على منوال جده عبد الرحمان الذي كان يرفض الرضوخ لطلب القبائل الملحة على تبديل عمالها للمحافظة على هيبة المخزن . إذ حاول السلطان وضح حد لتمرد الرعية على القواد ليجعله في مأمن من أي اعتداء أو قهر. فيقوم بذلك بواسطة "الحركة". ومن ذلك إلقاء القبض في ذي الحجة سنة 1291/1874 على مائتين وثمانين شخصا من أولاد أبي السباع الذين خرجوا عن القائد العربي الرحماني، وأرغمهم السلطان على أداء ستين ألف ريال ذعيرة لهم على التمرد وإيقاد نيران الفتن، ولم يسعهم إلا بيع ماشيتهم بأبخس الأثمان وأدائهم هذه الغرامة . وكان السلطان يصادر ممتلكات القواد وثرواتهم سواء عند نكبتهم أو هلاكهم، وفي هذه الحالة يجرد القائد من الأراضي التي كانت تسندها إليه القبيلة عند ولايته، وينزع منه جميع ما جمعه من أموال طيلة حكمه. فقد كان السلطان يعتبر أن ما يوجد في ملك القواد من أموال وثروات هو في النهاية ملك لبيت المال. وإن كان جل القواد يلجئون إلى إخفاء ثروتهم بوسائل شتى، كشراء الذهب والمسكوكات وإخفائها في باطن الأرض أو توزيع قطعان الماشية على أقاربهم وشركائهم، كلما أحس القائد بقرب تنحيته. ومما يشهد على ذلك ما يلي:"وبعد، وصل كتابك جوابا عما أمرت به عن الأمر الشريف من البحث من متروك الحسن البومدمادي، بأنك بالغت في البحث عنه حتى حضر لديك من بهائمه ما قيدته طرة كتابك، وما تحصل لديك توجيهه، وصار بالبال، فقد وصل الكل، وجد في تحصيل الباقي". وكان الأمناء والشيوخ يلقون نفس المصير. وكان السلطان يتدخل لحماية حدود اختصاصات موظفيه، مثل حل النزاع بين المحتسب البوكيلي وعامل مراكش ابن داود، حيث أمر السلطان العامل على عدم الترامي، وكفه عن الدخول في غير ما هو منوط به، وأمره عند الوقوف عند حده والخروج من خطة الحسبة . وبهذه الإجراءات، حاول السلطان أن يضع في أنحاء البلاد قوادا مرتبطين إما بالسلطة المركزية، وذلك للقضاء على التحركات الفردية، وتوقيف تمرد السكان على المخزن، وتدجين البنيات القبلية حسب استراتيجية مركزية. ويمكننا القول في هذا الصدد أن منصب القائد، مؤسسة يتم فيها الالتقاء بين المؤسسات القبيلة الجماعية والمؤسسة المخزنية المركزية، فالقائد يحتل نقطة المواجهة بين قوة القبيلة وقوة المخزن. 6.تكوين الأطر الإدارية وجد السلطان مولاي الحسن نفسه مجبرا على القيام بإصلاح التعليم من أجل الحصول على موارد بشرية قادرة على تنفيذ إصلاحاته، بتزويد الإدارة المركزية والمحلية بأطر تساهم في تحقيق تسيير جيد لها ومواجهة ضغوط أجنبية. ومن أجل ذلك أسس المدرسة الحسنية بطنجة سنة 1875م، يتلقى فيها الطلبة مواد الحساب والهندسة والتنجيم والجغرافية واللغة العربية ولغة أجنبية والمبادئ الدينية الأولية. بعد أن أصبحت الحاجة ماسة إليها لنجاح البعثات التعليمية إلى الخارج خاصة أوروبا، وبقصد استيعاب خبرة يحددها المخزن. وكان طلبة مدرسة طنجة يختارون من نجباء التلاميذ، وتتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة. واعتنى مولاي الحسن بالهندسة وبالعلوم الحربية، سواء في الدروس المنتظمة في جوامع الحواضر أو في المراكز بالثغور أو في مدرسة الهندسة بفاس التي يتراوح عدد طلبتها ما بين 44 و 58 طالبا تجري عليهم مرتبات يومية . ودعا السلطان إلى " نشر التعليم في الأرياف حتى لا تبقى أي قرية دون أن يكون فيها معلم يعلم أولادهم ويفقههم دينهم" . ويختار السلطان المدرسين الأكفاء، ويشهد على ذلك كلامه: "وبعد فإن الطالب السيد عبد السلام... من أنجب الطلبة وأجودهم فهما وأوثقهم ذهنا...وقد تذاكرت معه مرارا في عدة فنون، واختبرته في مسائل عويصات فيحسن في الجواب...وقد شرع في التدريس وتعليم العلم بمسجد القرويين...فهو ممن ينبغي أن يسهم له من المرتب الشهري والصلة المولوية، كأمثاله من المدرسين" . وبالمقابل لا يقبل السلطان ترقية المدرس من مرتبة إلى أخرى إلا باستحقاق، ويشهد على ذلك مايلي:" فإن الطالب ابن سودة ذكر أن أحد ولديه استحق الكون في المرتبة الثالثة من مراتب الفقهاء، وأن بيده شهادة بذلك...فإن استحق الولد المذكور المرتبة المذكورة فانقله إليها، وإن استحق الأخر زيادة في مرتبه فزده له ما يقبضه أمثاله" . ووضع السلطان رهن إشارة جامع القرويين مجموعة من الكتب، وبفتح متجر في مراكش للإشراف على توزيع الكتب، وأمر سنة 1882م بطبع نسخ عديدة من كتاب "إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين للغزالي"، لمؤلفه مرتضى الزبدي . وعمل السلطان على توجيه بعثات طلابية إلى أوروبا لدراسة بعض الفنون العصرية وتعلم اللغات الأجنبية، ف"لما نظر إلى الأمم الراقية وما أفادها العلم الرياضي والطبيعي من القوة والسلطان والتفوق على الأقران في معترك الحياة، فعضد إرسالية الشبان المتخرجين من مدرسة والده، وتوجهوا لعواصم أوربا لتتميم دروسهم، فعين لكل فريق رجلا من أهل الدين والعلم لمرافقتهم وصيانتهم وأجرى عليهم النفقات الكافية. ولما زاولوا دروسهم وملئوا بكل نافع حقائبهم يمموا بلادهم ليبثوا فيها ما ينفع مستقبلهم، فلم يعدموا معاكسا وقف في سبيلهم وحرم البلاد والعباد ما كان يرجى من فوائد معارفهم بفتح المدارس وسلوك هذا السبيل، كما سلكه اليابان لذلك العهد الذين رافقهم في دروسهم، فكانت النتيجة أن تقدم اليابانيون وتأخرنا، والله في خلقه شؤون" . وقد توجه الطلبة على نفقة المخزن لأوربا لإكمال دروسهم متفرقين في مدارس انجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. لكل واحدة منهن بعثة تشتمل على ثلاثة طلبة، مثلا، في إنجلترا محمد الجباص، الزبير السكيرج، الحاج إدريس بن عبد الواحد الشاوي. "وكل بعثة منهم رجعت للحضرة الشريفة بعد أخذها من لغة الأمة التي ذهبت للتعلم بمدارسها، وتلقي الدروس الرياضية عندها، وكان مكوثهم هنالك نحو خمسة أعوام" . كما وجه الطلبة إلى مصر إذ وفرت حملات الإصلاح بكل من تركيا ومصر، شروط بروز فكرة الإصلاح في المغرب، وقررت أجهزة المخزن ممارستها، وقد نبغ الطلاب المغاربة بمصر، مثل الطالب عبد السلام العلمي الذي حصل على إجازة في الطب من المدرسة المصرية بقصر العيني بالقاهرة، بشهادة عميد المدرسة سنة 1291/ 1874 قائلا: "إني منذ كلفت بتعليم علم الطب بدمشق المحمية قبل مجيئي إلى المدرسة الخديوية المصرية...لم أجد أحدا اشتغل بغيرة شديدة وطريقة مستمرة حميدة مثل هذا الطيب النحرير الذي هو من المدح جدير...وإني لأشكر صائب الرأي السلطان مولاي الحسن...أن عمت منفعة هذه المعارف العلمية والعملية...ومن حظي الأوفر أني اجتمعت مع هذا الطيب الماهر، فوجدته في العلم والعمل وجيدا وفي المعارف بالنسبة لأقرانه فريدا" . ويتضح أن إصلاح التعليم في المغرب كان من الضروريات للتماشي مع الإصلاحات في المجالات الأخرى خاصة الجيش والإدارة، وضرورة تجاوز الركود الذي عرفه هذا الميدان ومسايرة العصر. فكان الهدف تكوين طلبة يشتغلون في مرافق الدولة حسب خبرتهم. وبالجملة، سعى مولاي الحسن إلى كسب كل شيء دفعة واحدة، فكثف من خيوط الضبط وأزرار الضغط، ولعب على كل الأوتار الحساسة، فحرك وتحرك، رغب في التجديد، وحاول في الوقت نفسه إبقاء الوضع على ما هو عليه. فكانت وفاته إيذانا بضياع مختلف أوراق لعبه، التي لم يكن ممكنا أن يجيد لعبها أحد سواه، وقد بني فأحسن البناء ولكن لسان الحال ينشد: أرى ألف بان لا يقوم بهادم فكيف ببان خلفه ألف هادم توفي مولاي الحسن سنة 1894م تاركا في دهن المغاربة سمعة سلطان استطاع أن يبقي سلطة المخزن، وأن يصون وحدة المغرب واستقلاله، مساعدا على دعم أسس الإدارة المركزية وعلى ظهور إرهاصات بيروقراطية جديدة، وإطلاق برنامج التحديث وبداية مغرب جديد. وشكلت وفاته، الحدث الذي كان وقعه شديدا على السكان. كما أكد السباعي بقوله: "فنزلت بالناس مصيبة وأي مصيبة، وما أدراك ما المصيبة، في عظمها مصيبة حلت بالناس عند هجوم ذلك البأس" . أما الأوربيون، فقالوا عن نهاية حكمه، إنها منظر غروب شمس جميل ومؤثر . وبوفاة مولاي الحسن اتسع الخرق على الراقع . وهذا الخرق توسع عهد الوزير الصدر أحمد بن موسى. خاتمة يمثل عهد السلطان مولاي الحسن أهمية كبيرة في النظام الإداري المركزي بانخراط المغرب على عهد إصلاحي جديد في الميدان الإداري والإقبال على حضارة الغرب. حيث شرع في تشكيل "إدارة حكومية" لها صفات تختلف اختلافا واضحا عن تلك التي كانت قائمة فيما قبل توليته. فتطور الجهاز المركزي من جهاز بسيط مكون من السلطان ووزير واحد، كان بمثابة معين له في أشغاله، إلى جهاز أكثر تعقيدا، يتركب من عدد من الوزراء بإنشائه وزارات جديدة. فشهد الجهاز المخزني بداية التخصص مع انفتاح البلاد أكثر على العالم الخارجي خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر.. فكان مولاي الحسن بذلك العمل واضع أساس الحكومة الحديثة في المغرب، وأضحى منظما إداريا، فوصف بالمجدد الحقيقي للتنظيم المخزني. وتطلب هذا التغيير توسيع وتنويع مصادر تطعيم النخبة المسيرة لشؤون الدولة. فعرفت القاعدة البشرية تغييرا في هذا العهد، من خلال الانفتاح على الحضريين الذين تزايد عددهم، وتدعم نفوذهم داخل المخزن، ممثلين في العلماء والفقهاء والعدول، والتجار المتعودين على التعامل مع الأوربيين والمستأنسين بالقضايا الاقتصادية والمالية. وظهر على المسرح وزراء وكتاب وقواد ينحدرون أساسا من طنجة والرباط وسلا ومراكش، علما أن الأصول الاجتماعية والجغرافية للنخبة، كانت قبل ذلك من مكناس أو من تطوان أو من فاس. ولم تكن لهذا الجهاز المخزني رواتب قارة. غير أنه يستغل انتماءه من قريب أو بعيد للبلاط، ليعيش كما يحلو له في البلاد مستغلا حظوته وجاهه بشتى السبل ومختلف الوسائل. ورغم وجود الوزراء فإن دورهم لم يكن يتعدى مهمة تهيئ القرارات أو تحضير مشاريع الظهائر للسلطان، وتسيير شؤون وزارتهم في إطار محدود والاكتفاء بتقديم النصح والمشورة متى خوطبوا في شأنها في ميدان تسيير شؤون المخزن. إذ أن ما يصدره الوزراء يبقى بغير قيمة تذكر إذ لم يصادق عليه السلطان بختمه، ليظلوا جماعة مختارة من طرفه، وتظل في محطة التحليل مشكلة من مجموعة من الخدم. كما تدل على ذلك ديابيج مختلف الرسائل السلطانية الموجهة إلى أعضاء الجهاز المخزني بمختلف مراتبهم ووظائفهم، والذين عليهم الامتثال لسلطاته المتداخلة والمركبة، ويتبعونه أينما حل وانتقل، وينفذون أوامره وإخباره بذلك. وكان رجال المخزن يحملون ألقابا مختلفة ومتعددة، لكن تجمع في لقب واحد يشملهم جميعا، وهو لقب "الخديم" الذي يتواتر ذكره في جميع المراسلات الرسمية التي تبدأ بخديمنا أو بخدامنا. أما المحاولات الإصلاحية، فلم تحقق الأهداف المتوخاة منها وكانت معظم نتائجها سلبية، نظرا لغياب تغيير شمولي لبنيات المجتمع المغربي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فالإصلاح كان بعيدا كل البعد عن المجتمع، فظل في دائرة المخزن بالدرجة الأولى للدفاع عن حكمه ونظامه السياسي واستقلال بلاده. ولم تكن هذه المبادرات الإصلاحية كافية لبلوغ مستوى الإصلاح العميق والشامل، ولم تهم كل الفئات الاجتماعية التي لم يحصل لديها وعي بالإصلاح وأهميته. كما أن إمكانيات الإصلاح في هذا الظرف كانت ضعيفة في حقبة تاريخية كان ميزان القوة العسكرية والاقتصادية بين العالم الإسلامي والعالم الأوروبي، قد مال لصالح هذا الأخير. الشيء الذي أدى إلى عرقلة السياسة الإصلاحية في المغرب. وعلى العموم، يمكن اعتبار تجربة مولاي الحسن منطلقا لبروز فكرة الإصلاح في مغرب ما قبل الاستعمار، حيث كان السلطان أكثر وعيا بضرورة التطور والخروج من وثيرة الركود. وكان الإصلاح لديه قضية جوهرية وضرورية لمواجهة مشاكل العصر التي تكاثرت وتعقدت في عهده. وبالتالي، ألا يمكن اعتبار عدم استفادة المغرب من محاولات الإصلاح التي قام بها هذا السلطان من باب الفرص الضائعة في تاريخ المغرب؟ احمد بن خالد الناصري، الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، مطبعة دار الكتاب، الدار البيضاء، 1956، ج 9 ص 53 محمد الأمين البزاز، تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين 18و 19، منشورات كلية الآداب بالرباط 1992، ص 121. السلطانين: مولاي عبد الرحمان ومحمد بن عبد الرحمان. علال، الفاسي، الحركات الاستقلالية في المغرب العربي، دار الطباعة المغربية، تطوان ص 86 السباعي، محمد بن ابراهيم، البستان الجامع لكل نوع حسن وفن مستحسن في عد بعض مآثر السلطان مولانا الحسن، تحقيق، أمنصور محمد، أطروحة لنيل الدكتوراه في التاريخ، إشراف محمد الأمين البزاز، كلية الآداب، الرباط، 2002. ص 495. انتقد العلماء النظام الإداري وحددوا عيوبه ومكامن الفساد والضعف والاستبداد والاعتماد على أطر لا تتمتع بالكفاءة الضرورية لتسيير البلاد، من ذلك ما قاله العراقي في فتواه: "فهذا عين الصدق التي ذكرناه وفيه فوائد لا تخفى من جملتها أن الأمير ومن يلوذ به ينبغي ان يعتنوا بإصلاح الناس ظاهرا وباطنا لأن الغلبة انما هي بذلك...وليست بجمع الأموال ولا بالمخالفة لما جاء به سيد المرسلين..."، أما الحسن اليوسي فقال: "فلينظر سيدنا في جباة مملكة فإنه قد جروا الظلم على الرعية، فأكلوا اللحم وشربوا الدم وامتصوا العظم...ولم يتركوا للناس دينا ولا دنيا...فعلى السلطان أن يتفقد الجباة ويكف أيديهم عن الظلم" أوردتها لطيفة بناني سميرس، مرجع سابق ص 191. انظر كذلك موقف الحراق من الولاة، داود، تاريخ تطوان، ج 6، ص 329 . قام السلطان عبد الرحمان بن هشام بإحداث دار النيابة، وقام محمد بن عبد الرحمان بإنشاء وزارة الحرب، والشكايات. خالد ابن الصغير، المغرب وبريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر، منشورات كلية الآداب الرباط، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1997. ص 421. Eugène, AUBIN, Le Maroc d’aujourd’hui, Armand colin, Paris, 1908 ,p 203 عبد الحميد بنشنهو، النظام الإداري بالمغرب، مطبعة الأمنية، الرباط، 1989.، ص 27. موسوعة معلمة المغرب إشراف محمد حجي، إصدار الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر ومنظمة اليونسكو والشريكة الشريفة للبترول السنة 1984. ج 21، ص 7017. عبد الرحمان ابن زيدان، العز والصولة في معالم نظم الدولة، المطبعة الملكية، الرباط 1961، ص 273. الناصري، الاستقصا...، مصدر سابق، ج 9 ، ص 166. Miége, Jean Louis, Hassan 1er(1836–1894) et la crise marocaine au XI Xème siècle, p 278. عبد العزيز الخمليشي، جوانب من الحياة التجارية بالمغرب في القرن التاسع عشر(1856-1896) المخزن والضرائب المفروضة على التجارة الداخلية، مكوس الحواضر، دبلوم الدراسات المعمقة، إشراف جرمان عياش كلية الآداب الرباط، 1989. ص 264. رسالة من الأمين محمد التازي إلى موسى بن أحمد سنة 1874، الخمليشي، جوانب...، مرجع سابق، 264 رسالة بتاريخ 16 رجب 1316/ 30 نونبر 1898، وثائق ونصوص، رسائل شريفة، محمد نهليل، إعداد وتقديم الجيلالي العدناني وعبد الرحمان بنحادة، كلية الآداب الرباط، مطبعة أبي رقراق، الرباط، الطبعة الأولى 2013. ص 180 نفسه، ص 53-59. Eugéne, AUBIN, Le Maroc d’aujourd’hui, 5ème édition, Armand colin, Paris, 1908. p 203 التوزاني، الأمناء...، مرجع سابق، ص 88-93 ابن زيدان عبد الرحمان، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، المطبعة الوطنية، الطبعة الأولى، الرباط 1930،ج 2 ص 162 رسالة من مولاي الحسن إلى محمد بركاش بتاريخ 25 رجب 1292/1875، المنوني، مظاهر...، مرجع سابق، ج 1 ص 107. ابن الصغير، المغرب...، مرجع سابق، ص 398. أحساين عبد الحميد، الإدارة المركزية الفرنسية بالمغرب 1912- 1939، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في التاريخ، اشرف ابراهيم بوطالب، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 2005، ص 39. نفسه، ص 292. رسالة بتاريخ 1302/1885، التوزاني، الأمناء...، مرجع سابق، ص 49. العربي أكنينح، آثار التدخل الأجنبي في المغرب العربي على علاقات المخزن بالقبائل في القرن التاسع عشر، مطبعة أنفو برانت، فاس 2004. ص 285. Miége, Jean Louis, le Maroc et l’Europe ( 1830- 1894), TOME 4, P.U.F, Paris, 1962 p 247 . رسالة من مولاي الحسن إلى بركاش بتاريخ 14 ربيع الأول 1297/1880 ابن زيدان، إتحاف...، ج 2 ص 481 نفسه، ص 481 رسالة السلطان إلى محمد بركاش، بتاريخ 20 جمادى الأولى، بوشعراء، الاستيطان...، مرجع سابق، ص 418. Mohamed, LAHBABI, Le Government Marocaine à l’aube du XXé siècle, collection des centres des études judidiques du maroc, édition technique nord Africaines, Rabat, 1957. .p 37. أحساين، الإدارة المركزية...، مرجع سابق، ص 34. ابن زيدان، العز...، مصدر سابق، ج 1، ص 129. مصطفى الشابي، النخبة المخزنية في مغرب القرن التاسع عشر، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط، مطبعة فضالة، المحمدية، 1995.ص 33, مديرية الوثائق الملكية، محفظة 2، رسالة،بتاريخ 1280/1864، من عبد القادر أشعاش إلى النائب السلطاني محمد بركاش حول نازلة سرقة أحد النصارى بتطوان. المنوني، مظاهر...، مرجع سابق، ص 57. مديرية الوثائق الملكية، محفظة 2، بتاريخ ذي القعدة الحرام عام 1280/ 1864، حول قضية الحاج الطيب بوهلال الذي اشترى دار اليهودي، وتبين الرسالة أن هناك شبهة في الموضوع. وثيقة مؤرخة في 7جمادى 1310/1893، ابن زيدان، إتحاف...، ج 2 ص 310. ابن زيدان، إتحاف...، مصدر سابق، ص 298 المنوني، مظاهر...، مرجع سابق، ج 1 ص 35 السباعي، مصدر سابق، ص 365 ظهير مؤرخ ب سنة 1310 الموافق 1892، رسائل شريفة، ص 168 المنوني، مظاهر..، مرجع سابق، ج 1 ص 91. نفسه، ص 91. نفسه، ص 92. الصراع بين عامل تازة ابن البشير والقائد عبد الرحمن الزراري، إذ كانت بينهما المنافسة والعداوة والبغضاء بالغة منتهاها، يطمع كل واحد منهما في ضم حكومة الآخر لحكومته، ويرى كل أن الأحق والأولى بالتفرد بالرياسة. أنظر ابن زيدان، إتحاف...، ج 2، ص 187. محمد بن مصطفى المشرفي، الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية وعد بعض مفاخرها غير المتناهية، دراسة وتحقيق بوهليلة إدريس، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ، تحت إشراف إبراهيم حركات، الرباط، 1993.ج 2 ص 107. الهادي الهروي، القبيلة الإقطاع والمخزن، مقاربة سوسيولوجية للمجتمع المغربي الحديث(1844-1934)، إفريقيا الشرق، المغرب، 2004.ص 78. أحمد العلمي "حركتا السلطان المولى الحسن إلى سوس"، ندوة الإصلاح والمجتمع في القرن التاسع عشر، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1986. ، ص 56. رسالة سلطانية في 23 ربيع الأول 1293 ، الناصري، الاستقصا...، مصدر سابق، ج 9 ص 150. رسالة من السلطان متم شعبان 1299/1882 ، المشرفي، الحلل...، مصدر سابق، ص 294. LAROUI, Abedellah , Les origines sociales et culturelle de nationalisme marocaine, Ed، centre culturel Arabe,1993. p 158 ابن زيدان، إتحاف...، مصدر سابق، ج 2 ص 188. رسالة من أحمد بن موسى، بتاريخ 12 ربيع الثاني 1312، أكنينح، أثر...، مرجع سابق، ص 273. الشابي، النخبة...، مرجع سابق، ص 47. محمد حجي، جولات في تاريخ المغرب، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1995، ص 228_ 229. ابن زيدان، العز...، مصدر سابق، ج 2 ، ص 27 . نفسه، ص 187, رسالة في 27 ربيع الأول عام 1290/1873 ابن زيدان، العز والصولة، مصدر سابق، ج 2 ص 187. عبد الرزاق، فوزي، تاريخ الطباعة بالمغرب(1865-1912)، تعريب خالد بن الصغير، منشورات كلية الآداب الرباط، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط1 ،1996 ، ص 160. ابن زيدان، إتحاف...، مصدر سابق، ج ص 43. نفسه، ص 466. عبد الهادي، التازي، التاريخ الدبلوماسي للمغرب، المعهد الجامعي للبحث العلمي، مطبعة أكدال، الرباط، 1970، ص 218. كنون، النبوغ...، مرجع سابق، ص 273 السباعي، البستان...، ج 3، م، س، ص 560 J, caillé, op.cit. p 7 الطيب، بياض، المخزن الضريبة والاستعمار، ضريبة الترتيب 1880– 1915، إفريقيا الشرق 2011،، ص 101
إرسال تعليق