تمهيد:
تقع قبائل اداوتنان في الجزء الغربي من سلسلة الأطلس الكبير،وهي جزأ لا يتجزأ من تكثل قبائل امصمودن كأحد القبائل العريقة بالمغرب إلى جانب قبائل ازناكن بالجنوب و ازناتن/زناتة بالشمال،يعطينا البيدق[2] تقسيما للمصامدة ويصنفهم تصنيفا حيث
نجد أهل الظل وهي المناطق ذات الأهمية الاقتصادية أي السفوح الشمالية
الغربية من الأطلس الكبير وهي عبارة عن مناطق رطبة والتقسيم الثاني هو أهل
القبلة أي السفوح الجنوبية الشرقية والغربية للأطلس الكبير المقابلة مع
الشمس وهي مناطق قلة اقتصادية وتعرف أساسا شدة الجفاف،وتتكون اتحادية قبائل اداوتنان من ثلاث قبائل رئيسية: أيت تنكرت ـ أيت وازوون ـ افسفاسن يغلب على تضاريسها طابع الهضاب الذي يشكل امتداد لسلسلة جبال الأطلس الكبير الغربي،فكيف كان الحضور التاريخي لقبائل اداوتنان؟ وما هي أبرز المحطات التاريخية التي مرت منها هذه القبائل؟
أولا:تاريخ اداوتنان وإشكالية المصادر التاريخية:
ما
زال تاريخ قبائل اداوتنان في حاجة إلى التنقيب والبحث عن الوثائق الدفينة
حول حضورها التاريخي فهي على غرار قبائل الأطلس الكبير مازالت ضمن التاريخ
الهامشي الذي مازال في حاجة إلى إعادة الاعتبار لحضورها التاريخي،ولكن
بالمقابل نجد بعض المصادر المغربية التي أرخت لتاريخ الجنوب المغربي(
كتابات المختار السوسي:المعسول...)،كما نجد الرواية الشفوية من خلال بعض
القصائد الأمازيغية والروايات الشفهية حول بعض الأحداث التاريخية بالإضافة
إلى الوثائق المحلية التي قد تفيد في إعادة كتابة هذا التاريخ ودور هذه
القبائل في تاريخ المغرب،فما هي أبرز محطات حضور هذه القبائل في تاريخ
الجنوب المغربي؟
ثانيا:قبائل اداوتنان والحضور التاريخي بالجنوب المغربي:
إن
أهم خاصية تميز قبائل اداوتنان هو حضورها التاريخي على مسرح الأحداث خلال
العصر الحديث والمعاصر على غرار قبائل الأطلس الكبير الغربي،فخلال العصر
الحديث تميزت المنطقة بظهور الغزو البرتغالي بسواحل أسفي وموكادور الذي
صادف ظهور الطرق الصوفية بالمنطقة حيث كان محمد ابن سليمان الجزولي ينتقل
بمنطقة الجنوب بين أسفي واحاحان/اينكنافن واداوتنان لنشر التوعية والجهاد
ضد البرتغال[3]،وكما
انخرطت قبائل اداوتنان في مقاومة الغزو البرتغالي التي تزعمها السعديون
بمؤازرة قبائل الأطلس الكبير الغربي،واكتست أهمية لدى السعديين بحكم قربها
من ميناء أكادير في بداية القرن 16م فخلال العصر المعاصر انخرطت قبائل
اداوتنان في الدينامية التي عرفتها المنطقة بعد تأسيس مدينة الصويرة سنة
1769م من طرف السلطان محمد بن عبد الله حيث ظهرت قيادات محلية لعبت دورا في
حراسة مرسى الصويرة،مما أعطاها أهمية بمراقبتها للطرق التجارية الرابطة
بين مرسى الصويرة ومناطق الإنتاج بالأطلس الكبير الغربي،وشكل القائد الحاج
عبد الله أبيهي أحد أشهر القيادات المحلية، ففي سنة 1855 قام بحملة ضد
هوارة وقائدها بومهدي وعين خليفة بتارودانت سنة 1867 وأمده المخزن بالتولية
على أكادير لما عزم على مهاجمة "إذا وتنان"[4]
ونجح في مراقبة مجموع احاحان ومتوكة وتارودانت وشتوكة وإذا وتنان التي قضي
فيها شهورا ألحق خلالها الدمار والخراب بها بسبب التمرد على المخزن
المركزي [5]
ثالثا:قبائل ادواتنان والحقبة الاستعمارية:
كان
حضور قبائل اداوتنان قويا خلال الحقبة الاستعمارية فبعد توقيع معاهدة
الحماية الفرنسية سنة 1912 لم تخضع اداوتنان للاحتلال العسكري الفرنسي،نظرا
لقوة وتماسك اتحاديتها القبلية ووجود أنظمة اجتماعية تضطلع بتسيير
شؤون القبائل لحماية أمنها وتفادي النزاع بين القبائل،وأهمها مجالس
"إنفلاس" وهو مجلس الأعيان مكونا أساسا من كبار أعيان القبيلة ومجلس "أيت
الربعين" من جهة وقد تحدث روبير مونطاني عن أهمية هده التنظيكات في مقاومة الاستعمار الفرنسي [6]،وقد
ساهمت تضاريس المنطقة في صعوبة اختراق الجيش الفرنسي للمنطقة ،وتركزت جهود
الفرنسيين على إغراء أعيان ادوتنان سياسيا والدخول في مفاوضات مع القوات
الفرنسية،بعد مطاردة القوات الفرنسية للمقاوم محمد
أنفلوس إلى قبيلة أيت عيسي[7]،وكانت الاتصالات قائمة بين القائد أنفلوس وأعيان اداوتنان لتنسيق عمليات مقاومة الاحتلال الفرنسي حيث عرفت اداوتنان ظهور مقاومة الحاج اشو التناني الذي رفض الاستسلام للقوات الفرنسية ولم تستطع فرنسا أن تخضع اداوتنان لإدارتها إلا في عام 1927م بعد حصار اقتصادي وقصف بالطائرات،حيت تم تنظيم شؤون اداوتنان بإسناد القيادة لعائلة بوناكة العريقة وقد تولى محمد بن الحسن الرئاسة على قبيلة تنكرت وتوسط له القائد التكزريني مع قوات الاحتلال الفرنسي ليصبح فيما بعد قائدا على ادوتنان.
أنفلوس إلى قبيلة أيت عيسي[7]،وكانت الاتصالات قائمة بين القائد أنفلوس وأعيان اداوتنان لتنسيق عمليات مقاومة الاحتلال الفرنسي حيث عرفت اداوتنان ظهور مقاومة الحاج اشو التناني الذي رفض الاستسلام للقوات الفرنسية ولم تستطع فرنسا أن تخضع اداوتنان لإدارتها إلا في عام 1927م بعد حصار اقتصادي وقصف بالطائرات،حيت تم تنظيم شؤون اداوتنان بإسناد القيادة لعائلة بوناكة العريقة وقد تولى محمد بن الحسن الرئاسة على قبيلة تنكرت وتوسط له القائد التكزريني مع قوات الاحتلال الفرنسي ليصبح فيما بعد قائدا على ادوتنان.
خلاصات:
مازال
تاريخ اداوتنان في حاجة إلى التنقيب عن الرصيد الوثائقي المحلي واعتماد
الرواية الشفوية في كتابة ذاكرة هذه القبائل العريقة بالأطلس الكبير
الغربي،التي لعبت أدوارا تاريخية،لإعادة الاعتبار لتاريخها الذي مازال
منسيا،ولعل غنى الموروث الثقافي والأركيولوجي والبعد الجغرافي لهذه القبائل
الذي ظل شاهدا منذ القدم على الذاكرة الحية لتاريخ هذه القبائل سيساهم في
فك لغز تاريخ هده القبائل الأمازيغية وحضورها في مسرح أحداث الأطلس الكبير
الغربي.:اعداد أبيهي محمد
إرسال تعليق