GuidePedia

0


ما بين اللغتين العربية والفرنسية يجد الباحث نفسه ما بين مصطلحين يشوبهما كثير من الغموض، فما بين ما فرضه الفرنسيون وما مارسوه، وما اصطلحوا عليه Protectorat أو Protection التي من معانيها باللغة العربية الحماية.
والحماية في اللغة الفرنسية Protection هي مجموعة من المصطلحات والمعاني كلها  تصب في مفهوم الحماية الذي اقتبسه الفرنسيون من الإنجليز لأن فكرة الحماية فكرة إنجليزية “تماما كمفهوم القومية العربية” وكان هدف الإنجليز منها إدارة مستعمراتهم ما وراء البحار، بواسطة الحكام والمستوطنين الإنجليز وأذنابهم من الأهالي. وقد اقتبسها الفرنسيون ليطبقوها في المغرب، وطورها ذهاقنتهم وعلى الخصوص “ليوطي” داهية الحماية وواضع قواعد لعبتها، والملم بقواعد العربية منطوقا ومفهوما.
ومن معاني الحماية في اللغة الفرنسية نجد ما يلي: Protection Piston – défenseSecurity. فقد كان الفرنسيون أصحاب دراية باللبس الذي تحدثه الترجمة، باعتبار أن كل ترجمة خيانة، وهم بذلك يحق لهم خيانة المفهوم للتمكن من خيانة الشعب الذي ستمارس عليه هذه الحماية بقناع اللغة التي هي أيضا سلطة، وفي القواميس العربية وعلى رأسها “لسان العرب” نجد من مفاهيم الحماية ما يلي: المنعة، والدفاع وحمى الشيء أي جعله في حمايته ومن معانيها الحامية وهم الجماعة الذين يحمون أنفسهم، والحمى المكان الذي لا يقرب.
إن هذه المعاني الكثيرة للحماية قد مورست بكاملها، نستنتج ذلك من خلال  تتبعنا لمسار تاريخ الحماية بالمغرب، بل زاد عليها الفرنسيون ما استطاعوا من مفاهيمهم ليمارسوا السلطة المطلقة التي أسفرت عن وجهها الحقيقي منذ إشاعة توقيع صك الحماية، ولهذا تجرد السلطان مولاي عبد الحفيظ لفضح أمرها وإظهار حقيقتها وتعريفها بأنها التسلط والاستبداد والأخذ بزمام الأمور كلها من طرف الفرنسيين، لذلك صرح غير ما مرة بأن السلطة الفعلية في يدهم لا يشاركهم فيها أحد ففضل أن يكون آخر السلاطين الدولة المغربية المستقلة على أن يكون أول سلطان للحماية، التي ظل مفهومها مبهما وملتبسا حتى لدى الفئة المتنورة من الشعب المغربي التي قالت: بأنه لا مرادف للحماية  سوى مصطلح الجناية. ومنهم من استبدلها ليضع مكانها: الاستعمار الغاشم، أو مصطلح الحجر الذي هو نوع من الوصاية، بدعوى أن المغرب غير مؤهل لتسيير نفسه بنفسه، وهو ما ادعاه الفرنسيون ومارسوه ليبينوا له ما يصح وما لا يصح.
لقد اضطلع مجموعة من القانونيين الفرنسيين بمهمة تعريف الحماية وتوضيحها، وهكذا وجدنا مثلا أحد أساتذة القانون الفرنسيين يكتب ما يلي: «إن الحماية ضرب من الوصاية، حسب القانون الدولي تقيم بين دولتين منظومة من الحقوق والواجبات المتبادلة، لأن دولة ضعيفة تفوض لدولة أخرى أقوى منها بعض حقوق السيادة، مقابل التزام الدولة المستفيدة من التعويض القيام بحماية الدولة الضعيفة من الأخطار التي تهدد كيانها ومساعدتها على تطوير مؤسساتها والحفاظ على مصالحها».

إرسال تعليق

 
Top