لا يمكن الحديث عن تاريخ احاحان خلال العصر المعاصر دون استحضار تاريخ الأسر القيادية التي لعبت دورا في رسم معالم التاريخ السياسي والاجتماعي لقبائل احاحان،وقد ظلت أسرة القائد الحاج عبد الله أبيهي أومولود منذ بناء مرسى الصويرة تضطلع بدور العبور الآمن لقوافل تجارة الصحراء الكبرى،وكذلك حراسة مرسى المدينة من أي تهديد محتمل وتهدئة الصراعات القبلية التي تشوش قلائل المخزن بالجنوب المغربي،فما هو دور أسرة آل أبيهي بالمنطقة؟وإلى أي حد يمكن اعتبار تحالف الحاج عبد الله أبيهي مع آل تزروالت إعلانا لإمارة مستقلة عن المخزن؟ وما هي صورة القائد الحاج عبد الله أبيهي في الذاكرة الأمازيغية الحاحية؟
ظل أزغار عاصمة حكم أسرة أل أبيهي أمولود حتى وفاة الحاج عبد الله أبيهي،ويرجع أصل أسرة أل أبيهي أومولد حسب رواية الحاج أهدون إلى أصول صحراوية صنهاجية، وقد صفت الأستغرافيا الأوروبية الحاج عبد الله أبيهي بأوصاف القائد الأمازيغي القوي الذي وحد احاحان وسوس،ونجد وصفا دقيقا عند رحالة اسباني زار موكادور،قائلا:" أثناء مقامه (أي الوفد الإسباني) بامكدول حضر الوفد عروض الفروسية المقامة على شرفه.. وخلال هذه العروض تألق فرسان قبيلة احاحان من بين الباقين بتحكمهم في جيادهم علاوة على جمال هذه الأخيرة وبها ألبسة الفرسان وزينتها تلك القبيلة التي اشتهرت بحروبها وتمردها والتي يتحكمها ويحوي شرارتها الباشا السابق ذكره الحاج عبد الله أوبيهي المعروف بصرامته." [1]
وقام في سنة 1855 بحملة ضد هوارة وقائدها بومهدي وعين خليفة بتارودانت سنة 1867م،وقد أمده المخزن بالتولية على أكادير لما عزم على مهاجمة "إذا وتنان"،ويقول المختار السوسي:"نواحي (بني تنانة) كلهم قد تسلط عليهم القائد الحاج عبد الله أبيهي و|إوانه كلهم قبائل حاحة بأجمعهم بحد صائمهم... ودارت الأهوال ببلدة بني (تنانة) كلها قد نزلوا عليهم… تسعة أشهر كاملة وصار القتال الشديد في بلدة بني (تنانة) فدارت عليهم المحلات والجنود.." [2] ،ونجح في مراقبة مجموع احاحان ومتوكة وتارودانت وشتوكة وإذا وتنان التي قضي فيها شهورا ألحق خلالها الدمار والخراب بها بسبب التمرد على المخزن المركزي.[3]
وكانت
للقائد عبد الله أبيهي علاقات مع الأسر المحلية ذات النفوذ بمنطقة سوس
كآل بيروك بأكلميم، وآل تزروالت بإليغ، وتناولت علاقاته مع هذه القوى
قضايا مختلفة. حيث تدخل لدى آل بيروك لإقناعهم على التخلي عن فكرة فتح مرسى
بالجنوب، أما علاقاته بآل تزروالت،فقد كان يتبادل الزيارات مع أكبر
رؤسائها خصوصا الحسين اوهاشم،وقدم عليه وفد كبير من قبيلة احاحان وكان
اللقاء على وادي ولغاس ، ثم وفد الحسن اوهاشم بدوره على أزغار باحاحان،
فوقع الاحتفاء به عبر ايالته من أكادير إلى مقره بأزغارنيت أبيهي بأيت زلطن. وانهارت
ايالة الحاج عبد أبيهي وانقسم احاحان إلى قيادات محلية جديدة:اينفلاس
بتمسورين ـ اداوكيلول بجنوب احاحان ـ الحاج علي القاضي الحاحي بقبيلة
اداويسارن،وعرفت القبائل تدهورا في أوضاعها الأمنية،وتأثر مرسى الصويرة
وتوقفت القوافل التجارية.
واتهم
الحاج عبد الله أبيهي بخيانة المخزن فتم أسره،وحسب الرواية الشفوية لأهل
احاحان فإن أعوان قد سقوا القائد عبد الله أبيهي سما مما أودى بحياته
بسبب قضايا سرية تتعلق بالتعامل مع الحسين أوهشام شريف تزروالت.[4]وساهم الحاج عبد الله أبيهي في الأعمال الاجتماعية الخيرية حيث كان يبني المدارس والمساجد بمدينة الصويرة،وكما أمر بتجديد زاوية افرض أوطه من أقدم المدارس العتيقة باحاحان،وكلف أشياخه بتدبير شؤون هذه المدرسة والعناية بطلبتها.
ومازالت الذاكرة الأمازيغية عند الحاحيين تتحدث لنا عن صورة الحاج عبد الله أبيهي،ووصفته بالكرم وحسن الضيافة والشجاعة والقوة...ونجد قصائد أمازيغية حاحية تتحدث عن مكانة القائد الحاج عبد الله أبيهي في المجتمع الحاحي خلال القرن 19م،ونجد صور هذا القائد متجذرة في الذاكرة المحلية.
اعداد:أبيهي محمد
إرسال تعليق