
لم تعد الكتابة التاريخية مقتصرة فقط على المصادر والمخطوطات و المراجع التاريخية
المكتوبة ، والآثار المادية الشاهدة :من آثار عمرانية :أسوار ، قصبات ،أضرحة ... ولقى ونقود ومسكوكات .بل الأمر أصبح يستدعي
البحث في الموروث الشعبي للأفراد والجماعات باعتباره الذاكرة الجماعية التي تحفظ للإنسان تاريخه بماضيه وحاضره ومستقبله، والمتشكلة
من التقاليد والأعراف و الأمثال والحكايات
الشعبية والحكم والأهازيج الاحتفالية والفلكلورية والمعتقدات والطقوس الدينية ...والتي يمتزج فيها الواقع بالأسطورة
(الميثولوجيا) ؛ وأحيانا بالخرافة التي
تشكل جزءا من الثقافة الشعبية على مر العصور . ولهذا جاءت هذه الدراسة لتميط
اللثام عن دور التراث الشعبي في الكتابة التاريخية كظاهرة عالمية، والتجربة
المغربية كظاهرة خاصة، والنهوض بها لتشمل زوايا أكبر من التاريخ الاجتماعي
والاقتصادي والذهني للشعوب . في إطار العلوم
المساعدة التي نادت بها مدرسة الحوليات في الكتابة التاريخية المعاصرة المرتكزة على ثالوث (مجتمع –اقتصاد- حضارة) كما نحى روادها كلوسيان فيفر ومارك بلوخ وف.بروديل.
لم
تعد الكتابة التاريخية تهتم أكثر بالقضايا السياسية المشحونة أحيانا بمغالطات يصعب
الكشف عنها نظرا لما يطبع النزوعات السياسية للأفراد والجماعات من تزييف
للحقائق و الأكاذيب و التشهير بجهة
معينة لمصالح فئوية ضيقة. وهذا معلوم في التاريخ السياسي من صراعات
مذهبية أو قبلية – طائفية ([1]) .بل أصبح الاهتمام في السنوات الأخيرة وبشكل
متزايد منصبا على دراسة التاريخ الاجتماعي
والاقتصادي للشعوب. وحديثا دراسة الذهنيات
كإطار حضاري و ثقافي على درجة عالية من
الأهمية في الدراسات التاريخية المعاصرة، التي بدأت تنكب على دراسة هذا الجانب في
الانتاج البشري. لما له من دور كبير في رصد جوانب من تفكير وعيش الجماعات البشرية
في فترة من الفترات التاريخية، وفي مجال جغرافي معين ،. تلك الملامح التي تكشف
بوضوح عن العلاقات الاجتماعية السائدة
بمختلف ما يميزها لكتابة تاريخ الشعوب، تاريخ الذاكرة الشعبية المنسية. والتي ربما
لاتزال ترهن الانسان المعاصر في أنماط واتجاهات
تفكيره .وهذه الدراسة ستقارب وجهات النظر المختلفة بخصوص دور التراث الشعبي
في الكتابة التاريخية بشكل عام ،لحل إشكالية الاعتماد على التراث الشعبي – الشفهي
في الكتابة التاريخية سواء المكتوب منه أو الغير المدون. وذلك لقناعتنا بعد
الدراسة والتمحيص بمدى أهمية التراث الشعبي – الشفهي في الكتابة التاريخية خاصة في
دراسة التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والذهني .
لم يعد بإمكان الباحث والمؤرخ المغربي اليوم الابتعاد عن حقيقة ما يجود به
التراث الشعبي – الشفهي بكل تجلياته في حفظ الذاكرة الانسانية في الماضي والحاضر
والمستقبل .
نتفق
مبدئيا عن التساؤل حول التراث الشعبي الذي يمكن الاعتماد عليه : .هل ذلك الذي كان
شائعا بين العامة طيلة العصور ووصلنا اليوم
على نحو اتفاق جمعي ؛أم تلك الأسطورة والخرافة التي بدورها وصلتنا عبر عصور موغلة
في القدم ولا نستطيع رفضها أو قبولها لأننا
ببساطة لا نملك شواهد النفي أو الاثبات عن كيفية وصولها أوسياق إنتاجها
كتراث بشري .ولكن لا نتفق البتة مع الرأي القائل بالابتعاد بالجملة عن أي أثر شعبي
– شفهي مدون أو غير مدون ، ولنا في ذلك كامل التوضيح. اعتمدنا في هذه الدراسة
المنهج التاريخي الوصفي التحليلي – النقدي الذي يرصد الآراء ووجهات النظر المختلفة ويتناولها من زوايا
تاريخية متعددة وذلك لتشعب الظاهرة التاريخية
التي نريد دراستها .
سينصب المحور الأول على دراسة الكتابة
التاريخية المعاصرة وفق مقاربة مدرسة الحوليات . فيما سيعالج المحور الثاني
المقاربة الانتربولوجية – الاثنوغرافية في دراسة مفهوم التراث الشعبي أو الشفهي
كما يسميه البعض.
([2]) في حين سيتطرق المحور الثالث إلى دراسة دور التراث
الشعبي – الشفهي في الكتابة التاريخية بشكل عام.
المحور الاول :دراسة الكتابة التاريخية
المعاصرة وفق مقاربة مدرسة الحوليات .
نبدأ المحور بتساؤل طرحه د.الحبيب الجنحاني حيث قال :"فأين
المناهج العربية المتبعة اليوم من المدارس التاريخية الفرنسية التي تزعمتها وما
تزال مجلة((الحوليات)) غداة الحرب العلمية الثانية وبرز من صفوفها مؤرخون عالميون
أمثال ((ماركيلوك))و((لوسيان لوفيفر))و((ف.برودال)) و ((ج.دوين)) وغيرهم
كثير". ([3]) ففي العام 1929 وفي خضم أعنف أزمة اقتصادية عصفت
بالعالم الرأسمالي عمد المؤرخون ومن بينهم لوسيان فيفر ومارك بلوخ بتأسيس مجلة تعد
الأولى من نوعها في فرنسا خلال القرن العشرين، أطلق عليها إسم ((الحوليات
التاريخ الاقتصادي والاجتماعي))وحقيقة هي مدرسة وليست مجلة فقط. وجاءت هذه المدرسة ومناهجها المتقدمة على المنهج
الكلاسيكي في الدراسات التاريخية، نتيجة النكوص في الأبحاث التاريخية الجامعية الفرنسية ذات النظرة
التقليدية التي تمجد السياسي على الطرح الاجتماعي والاقتصادي والفني والذهني([4]). وعبر د.عبد الله العروي عن ضرورة تجديد دراسة التاريخ
بقوله "لقد ظهرت في فرنسا مدرسة الحوليات ،وفي انجلترا التاريخ الاقتصادي
الجديد وفي أمريكا الارخيولوجيا الجديدة ، يريد مؤرخ أن يجدد منهاج البحث باستعمال
الحواسيب وآخر بالتحليل النفساني وثالث باللسنيات وعلم الأساطير "([5])
إن أهم ما ميز مدرسة الحوليات الفرنسية، هو
مناداتها وبشكل صريح على ضرورة اعتماد المؤرخ على العلوم المساعدة في أبحاثه
ودراساته التاريخية ،وهذا ما أضحت تتجه اليه الكتابات التاريخية العربية المعاصرة والمغربية
على وجه التحديد.
وحدد د.عبد الله العروي هذه العلوم المساعدة
في الاقتصاديات والاجتماعيات والنفسيات والعلوم الدقيقة مثل الفيزياء النووية
والبيولوجيا والفلسفية: مثل الابستمولوجيا والنقد الثقافي([6]) .وفي اتجاه آخر
وفي أثناء حديثه عن فك دلائل تاريخ الفنون تحدث عن علوم مساعدة لتاريخ الفنون من
مثل الايقونيات أي علم الخواتم والطوابع والتوقيعات وعلم الرنوك الشارات والأوسمة
...الملصقات والكتب المصورة والأفلام([7]) وتكلم أيضا عن ظاهرة التناهج بين العلوم والتخصصات
وتظافرها خدمة للبحث التاريخي.
وعبر د. الحبيب الجنحاني عن ظاهرة العلوم
المساعدة بقوله : "وقد اتسعت دائرة العلوم المساعدة هذه فأصبحت تمتد من
علم الآثار لتصل إلى الرياضيات الحديثة مرورا بالجغرافيا والديمغرافيا والالسنية
وعلم الاجتماع والاقتصاد السياسي وعلم الاحصاء وتاريخ الأديان وتاريخ العلوم والآداب
وعلم النفس الاجتماعي والتحليل النفسي والدراسات الاثنية والأسطورة والفنون
الشعبية ...وغيرها من فروع المعرفة المتصلة بالعملية التاريخية من قريب أو
بعيد"([8]) وهذه العلوم منها ما لا يعتمد على الوثيقة
المكتوبة صرفا أو كما يسميه د. عبد الله العروي "التأريخ بالعهد" أي التاريخ بالوثيقة المكتوبة ،وما يرتبط بها
من علوم كعلم الكتابات أو النقشيات والباليوغرافيا ؛وعلم العهود والمواثيق
(دبلوماسيالت)؛وعلم النميات (نوميسماتيات)؛ وعلم الحروف السرية (زمام السر)؛وعلم
الربائد (المخطوطات والمطبوعات) ([9])
وبجانب التأريخ بالعهد هناك التأريخ بالأثر
كما أشار بذلك د عبد الله العروي .فكل سرد يستند الى الكسف الأثري ليس رواية شفوية
كالأثر الطبيعي،عظام ،حجر ،لباس.أثاث،حلي، نفاية طعام([10]) كل ذلك يفيد
المؤرخ والباحث " فالرسوم ،والصور ،الحفر
البارز أو الغائر، والتماثيل تساعدنا في فهم التاريخ...وهي تسجل مشاهد
عديدة عن البشر وعن آثار الحضارة والعمران ،أو الآثار التي تحدثها ثورات الطبيعة[...]فينبغي
على الباحث أن يعنى بحصر ودراسة ما يخصه من هذه الأدوات المهمة النافعة في بحث
التاريخ والكتابة عنه إن وجدت" ([11])
وقد
حرص المستشرقون الغربيون على دراسة المجتمعات العربية – الاسلامية أو المجتمعات الإفريقية بالاعتماد على العلوم المساعدة اللازمة لحقول
التاريخ الاجتماعي والثقافي كأعمال جاك بيرك وكلود كاهين في تاريخ الاقتصاد
والانتفاضات الشعبية ورودنسون في سوسيولوجيا الايديولوجيات([12])
لماذا ظل الباحثون والمؤرخون العرب؛ وبما
فيهم المغاربة لوقت طويل يعتمدون المنهج الكلاسيكي في دراساتهم ؟ فالتأليف
التاريخي المغربي منسوج على منوال التأليف التاريخي العربي الاسلامي أي النمط
الشرقي. وبقي وفيا لهذا الاتجاه لسنوات طويلة([13]).التاريخ رموز دالة على الأحداث "لايهمنا أن
تكون الرموز بقايا مادية أو نقوشا أو شهادات شفوية"على حد تعبير د. عبد
الله العروي([14]) وأضاف " نعتقد بداهة أن أخبار
الماضي تفرغ إما في شكل خرافة وإما في شكل قول مثبث بوثيقة"([15])ويضيف آخر "والمفترض عند استعمال اصطلاح
(أسطورة) في العادة أن نحلل الجذور التاريخية لها وأثره على نظام السلطة الذي
يستمد أهميته من تقبل الناس عامة للقيم والأهداف التي تشملها إيديولوجيات المجتمع"([16]).
ومهما
يكن من أمر؛ فالخرافة أو الأسطورة قد لا تلقى اهتماما في نظر العديد من التخصصات ؛
لكنها في نظر الباحث و المؤرخ و المحقق التاريخي ؛تراث لا يمكن الانسلاخ منه. فالدراسات
المعاصرة تذهب بالقول إلى "أن إحدى أهم الركائز التي يستند إليها الفكر
الحديث تتمثل في تبيان دور الخيال أو الأسطورة بالمعنى الأنثروبولوجي للكلمة في صنع التاريخ ،إن التاريخ لا تصنعه أو
تحركه فقط الأحداث المادية الواقعية التي جرت بالفعل وإنما تصنعه أيضا الخيالات
والأحلام والأوهام التي تصاحب هذه الأحداث عادة أو تسبقها أو تأتي بعدها
[...]الأسطورة هي أحد محركات التاريخ ".([17])
كيف يمكن للمؤرخ الغربي مثلا ،الاستغناء عن
تراث تاريخي أسطوري ذو بعد ملحمي هو في أدنى الأحوال حنين لمجد صنعته الشعوب
لتورثه لأجيال متلاحقة كالإلياذة
والاوديسا([18]) ؛وملحمة جلجامش[19]) بالنسبة لمؤرخ الشرق القديم ؟ (وقد يتبادر إلى الذهن لدى البعض أن الخرافة
والأسطورة والخيال أسماء لشيء واحد ؛وهي في حقيقة الأمر متباينة أشد التباين وإن
كان الإسمان الأولان متلازمان في كثير من الأبحاث والدراسات .
غير أنه ومهما يكن من أمر ؛ فالخرافة و
الأحداث التي تطبعها أميل لقصة بنيتها وظاهرها وشخصياتها غير واقعية ،وأبطالها
بالكامل وهميون .والأسطورة قصة طويلة محبوكة الأحداث؛ قد تتخذ بعدا شعريا ملحميا
تتنوع فيها الصراعات ؛وتكثر فيها الشخصيات والأبطال وتتدخل فيها الآلهة وما يميزها
عن الخرافة أن بعض وقائعها واقعية وقد حدثت بالفعل ولكنها مزجت بطابع التهويل لإضفاء
صبغة التعظيم والتبجيل .كالإلياذة أو الأوديسا وجلجامش كما سبق ذكره.
أما الحديث عن الخيال؛ فيحيلنا على صبغة
التعدد التي تطبع أنواعه: الخيال الثقافي؛ الخيال العلمي، والخيال الفني، والخيال
التاريخي ...وعن هذا الأخير يقول د.شاكر عبد الحميد "يمكن للإنسان أن يلجأ
للخيال التاريخي ليكمل في ذهنه الأحداث التاريخية سياسية واجتماعية أو ثقافية".([20])
والمؤرخ يعبر بلغته عن الأحداث التاريخية
التي يتعرض لها بالدراسة والتحليل .،وعن أهمية اللغة في جميع الحقول المعرفية فقد
أفاض في ذلك باحثون كثر ومن مختلف التخصصات "وثقافة كل أمة كامنة في لغتها
،كامنة في معجمها ونحوها ونصوصها واللغة- بلا منازع –أبرز السمات الثقافية [...]حتى
قيل إنه يمكن صياغة تاريخ البشرية على أساس من صراعاتها اللغوية "([21])وترتبط اللغة بالتواصل ،اذ يعتبر ظاهرة أنتربولوجية وإثنوغرافية
وهو إنجاز للثقافة وتحقيق لها ويعمل على تحديد خصائص الثقافات المختلفة والمقارنة
بينها وليس فقط إظهار السلوكات التفاعلية([22]).ولا شك على أن اللغة من أعظم العلوم المساعدة أو "الموصلة"
([23]) لفهم الحدث التاريخي وظروفه.
خلاصة القول :لاغنى للباحث والمؤرخ عن العلوم
المساعدة في الكتابة التاريخية ؛ومنها تلك المرتبطة أشد الارتباط بالتراث الشعبي –الشفهي
. فما المقصود بالتراث الشعبي - الشفهي؟
المحور الثاني: المقاربة الاثنوغرافية – الأنثروبولوجية في دراسة مفهوم التراث الشعبي
تشير كلمة "التراث" في معجم
المعاني الجامع إلى "التراث الإراث . ترك تراثا هائلا إرثا تراث الأمة ماله قيمة باقية من عادات وآداب وعلوم وفنون
وينتقل من جيل إلى الجيل التراث الانساني ،التراث الاسلامي ،التراث الادبي . كل ما خلفه السلف من آثار علمية وفنية وأدبية
سواء مادية كالكتب والآثار وغيرها أم معنوية كالآراء والأنماط والعادات الحضارية
المنتقلة جيلا بعد جيل ،مما يعتبر نفيسا بالنسبة لتقاليد العصر وروحه".([24])
وإضافة كلمة "الشعبي" للتراث تعني أن هذه المخلفات هي من
صنع الانسان وإبداعه منذ أقدم العصور إلى اليوم. وعموما ينقسم التراث الشعبي حسب
د. محمد الجوهري إلى أربعة أقسام .المعتقدات والمعارف الشعبية/العادات والتقاليد
الشعبية/ الأدب الشعبي وفنون المحاكاة / الفنون الشعبية والثقافة المادية ([25]) . وفي دراسة
أخرى التراث الشعبي يتناول الأنطولوجيا الشعبية - المعتقدات والمعارف المتعلقة
بالحيوان- المعتقدات والمعارف المتصلة بالأحجار والمعادن - الأحلام - السحر-
الكائنات فوق الطبيعة- الأولياء- الألوان – الأعداد –الروح- الطهارة والنجاسة –
أوائل الأشياء وأواخرها – الاتجاهات- النظر إلى العالم. ([26])"التراث الشفهي مادة متاحة للمتخصصين في علوم
إنسانية واجتماعية متعددة، ولعل علماء الأنثروبولوجيا هم أول من انتبه لأهمية
التراث الشفهي .ثم جاء بعدهم المتخصصون في الفلكلور ،ثم جاء بعدهم المهتمون بالشعر
النبطي أو الشعبي أما المؤرخون هم آخر من دخل هذه الدائرة الغنية والمهمة".([27]) ويعزي أحد الباحثين سبب هذا التأخر عند المؤرخين في
كونهم على حد قوله :" ينظرون إلى التاريخ الشفهي نظرة غير جدية ،ويعدونه
ضربا من "السواليف" غير المقننة التي لا تليق بالمؤرخ" ([28]) ويعتبر الباحث ذاته؛ وفي نفس السياق أن التاريخ الشفهي المصدر
الأوسع والأكثر صدقية للتاريخ الاجتماعي من أي مصدر آخر.
ومن أقسام التراث الشعبي الفلكلور الذي هو "الأدب
الشعبي الذي ينتقل شفويا أساسا ولقد كان علماء الاثنولوجيا الأمريكيون هم الذين
حددوا موضوع هذا الميدان على هذا النحو"([29])وفي نفس السياق يضيف" دراسة الفلكلور
– خاصة في الجانب التاريخي منها- هي أكبر عون يمكن أن يساعد دارس الثقافة والمجتمع
،ولقد كانت النظرة التاريخية - التي اقترنت الآن بالنظرة الجغرافية – هي محور
الارتكاز في دراسات الفلكلور "([30]) ويضيف أيضا "
علم الفلكلور إنما هو علم ثقافي يختص بقطاع معين من الثقافة (هو الثقافة التقليدية
أو الشعبية) يحاول إلقاء الضوء عليها من زوايا تاريخية وجغرافية واجتماعية
ونفسية"([31]) ويمكن أن يضاف للفلكلور دراسة المعتقدات
والموسيقى والرقص والعادات الشعبية ([32]) وفي المغرب فالموروث الشعبي عند الباحث مصطفى عربوش
يندرج في إطار بعض المعلومات الاجتماعية من لغة وعادات: كالخطبة والزواج وعادة
النفاس ؛والختان والعادة عند الوفاة، وعيشور والشعالة وحاكوزة وأهازيج الأطفال
وألعابهم وعادات الأكل ([33]) لكن الدكتور ع.الله العروي يعبر عن صعوبة
تحديد مفهوم التاريخ الشفوي بسبب الخلط المستمر بين مسائل متعلقة بالماضي والتاريخ
وأخرى مرتبطة بالحاضر والاثنولوجيا حيث قال " لابد أن نميز بين شؤون
مختلفة - البحث عن أصول مروية لنصوص مكتوبة منذ قرون عديدة مثل ملحمة هوميروس أو الشعر
الجاهلي ،وهذا ميد ان واسع يصول فيه ويجول مؤرخو و نقاد الآداب ، تدوين الأدب
الشعبي يختص به الفولكلوريون ولهم فيه مقاصد ومناهج معروفة ،تسجيل أخبار مجتمع لا يعرف
أو لم يعرف مؤخرا الكتابة ،وهو ما يحصل اليوم في مناطق كثيرة من إفريقيا "([34]) وبالرجوع إلى سيكولوجيا المعتقدات يلجأ
الانسان إلى نحر الأضاحي لاتقاء غضب قوى غيبية معينة، أو الصلاة لاسترضاء الأرواح؛
أو التوسل إليها بالنذور والحج والزيارة .ويعرف التراث السحري آلاف الصيغ والدعوات
للعن القوى الشريرة ،أو استرضاء أخرى خيرة([35])وعن طقوس الذبيحة وما يستتبعها من معتقدات نجد د.عبد
الله حمودي يخصص لها دراسة متكاملة
الجوانب ، ويعاتب فيها المؤرخين المغاربة الذين لم يسبقوا لدراسة طقوس الذبيحة
والمسخرة عوضا عن المستشرقين بقوله" وكان مؤلفينا لم يحاولوا أبدا أن يروا
بالضبط مالا يرى في الشارع ،ولا حتى الملاحظة الشاملة لما يدور فيه ، يبدوا أنهم
تصرفوا كمتجول يصادف جماعة من البهلوانيين ، فيتبعها في أول درب ليتخلى عنها ما إن
تسلك دربا آخر دون أن يتساءل إن كانت ستقوم بنفس الأفعال أو بمشاهد مغايرة "([36]) وهذا يظهر مدى أهمية مثل هذه الدراسات في رصد المظاهر الأنثروبولوجية لجماعة ما "أما اكثر العناصر
الاعتقادية الشعبية انتشارا سواء في الماضي والحاضر ،في العالم القديم والجديد عند
الشعوب البدائية أو المتقدمة فهي أساليب التنبؤ بالمستقبل ومحاولة استطلاع الغيب
الكهانة والتنبؤ التفاؤل والتشاؤم...الخ "([37]) وكل هذه المظاهر التراثية تحتاج لمزيد الاهتمام وتوظيفها
في سياقها الصحيح اعتبارا لطرح الوظيفية؛ وليس لمجرد الاستعراض لفهم اتجاهات وأنماط
تفكير مجتمع ما.
ومثل هذه الصعوبات المنهجية يواجه الباحث في
الموسيقى الشعبية عدة عوائق من قبيل : غياب تدوين تاريخي نظرا لأن المؤرخين العرب
لم ينسلخوا من نزعة التدوين في اعتبار أن الأهازيج والموسيقى الشفهية لغة "فاسدة"
أو" وضعية" إذ يقول أحد الباحثين المغاربة "كتابة الموسيقى
المغربية ككل ،تكاد تكون شبه مستحيلة ،إذ لا محيد عن التاريخ لها من خلال الكلمة
المكتوبة كمصدر رئيس لأي قراءة أو تأويل تاريخي "([38]) إن الاجانب كانوا سباقين لدراسة التراث
الشعبي – الشفهي المغربي قبل المؤرخين المغاربة لأبعاد متعددة كدراسة روبير
اسبينيون حول "أعراف قبائل زيان" ([39]) التي تناول فيها القوانين العرفية لقبائل زيان تشمل
مواضيع :الزواج – الوصاية- التبني – الاغتصاب – التركة- الارث- التضامن-
امغار...وبالتالي هذا يطرح التساؤل التالي : مادور التراث الشعبي في الكتابة
التاريخية ؟
المحور الثالث :دور التراث الشعبي في الكتابة
التاريخية المغربية
نبدأ هذا المحور بكلام ل د .عبد الله العروي حيث
يقول" إن القسم الأكبر من التاريخ المكتوب تدوين قديم لرواية شفوية ،أما
عن قواعد التمحيص قد طبقت إبان التسجيل وانتهى الأمر بقبول بعض المرويات، وهي ما
تقرا اليوم ويرفض البعض الآخر مما عفى عليه الزمان" ويضيف في السياق ذاته
" نلاحظ اليوم اهتماما متزايدا بالرواية الشفوية، بل عودة إليها مقرونة بعودة
الحدث كما لو كانت فترة التاريخ المكتوب مجرد مرحلة انتقالية بين عهدين متميزين
بثقافة سمعية[...]إن الفائدة الكبرى التي يجنيها مؤرخ إفريقيا من الرواية الشفوية
هي إدراك الأحداث من الداخل"([40]) وهذا يبرز لنا مدى أهمية الرواية الشفوية كجزء من
التراث الشفهي الشعبي ،ويدخل في ذلك الفنون الغنائية الموسيقية – الرقصات –الأهازيج- الحكم والأمثال
الشعبية المتوارثة ببلادنا
([41]) ،ويجب على المؤرخ اليوم أن يتنصل من ربقة الوثيقة
والتدوين للتأريخ، وذلك بالاعتماد على المظاهر التراثية الشعبية- الشفهية ،لتاريخ
اقتصادي أو اجتماعي- أو ذهني أو فني . يؤرخ للقضايا وليس للدول والعصور كتاريخ
الصنائع والحرف ونظام الحسبة والانتفاضات الشعبية ([42]) .وتاريخ المعتقدات والسحر والأسطورة والطقوس الدينية ...وقد
عبر عن ذلك د. محمد الجوهري :" كثير من الدارسين قد استخدموا مواد التراث
الشعبي والحياة الشعبية في إعادة بناء الفترات التاريخية الغابرة والتي لا يوجد
عنها إلا شواهد ضئيلة متفرقة وهو ما يعرف باسم منهج إعادة البناء التاريخي historical reconstruction فالفلكلور
يضطلع في هذه الحالة بدوره التقليدي كعلم
تاريخي ، يكمل المعرفة التاريخية ويعمقها ويوسعها فدراسة الفلكلور للتاريخ الثقافي
لمجتمع من المجتمعات هي المدخل الأساس والمقدمة التي لا غناء عنها لفهم الثقافة
الحالية والبناء الاجتماعي القائم "([43]).من هنا يتبين لنا مدى أهمية اعتماد المؤرخ على التراث
الشعبي – الشفهي بكل أقسامه لفهم بعض تمظهرات الثقافة المجتمعية الشعبية في كل أبعادها وتجلياتها ، ونؤكد على هذا الطرح .
فالباحث والمؤرخ المغربي أصبح لزاما عليه
الاعتراف بالخدمات الجليلة التي يقدمها التراث الشعبي للكتابة التاريخية و نحن على
كل حال من أنصار هذا الاتجاه .. وفي هذا الصدد جاءت هذه الدراسة : فمؤرخ الذهنيات
يعتمد بشكل أو بآخر على التراث الشعبي في تفسير مظاهر سيكولوجية – شعبية معينة
كالخوف والموت ، والتبرك والتمسح بالأضرحة وأنماط السحر والشعوذة ...وهي في حد ذاتها
طقوس شعبية وهذا بالضبط ما أشار إليه د .عبد الله العروي بقوله " ظن
المؤرخون ولمدة طويلة، أن التاريخ المكتوب يتمتع بميزة خاصة ،ولم ينتبهوا إلى أن
معظم رواياته شفوية سجلت بالحرف في وقت ما [...] لم يدركوا أن التاريخ في عبارته
الشفوية المسموعة أغنى و أغزر منه في شكله المكتوب، المقروء ،شعروا بعد الاطلاع على
نتائج التخصصات الأخرى بضرورة توسيع محتوى بحوثهم وإثراء مناهجهم بالاتجاه إلى
المرويات الشفوية "([44]).
خلاصة القول : التراث الشعبي – الشفهي تراث لا يمكن الاستغناء عنه ، سواء
في شقه الشفهي – أو المكتوب خصوصا للدارسين الذين يتبنون شعارات وأفكار مدرسة
الحوليات ،في الابتعاد عن الدبلوماسيات والسياسيات والرسميات؛ لفسح المجال أمام
التراثيات الشعبية والأنشطة الاقتصادية و التمظهرات الاجتماعية الذهنية . وعليه ومن
خلال هذه الدراسة يمكن الخروج بجملة من الاستنتاجات والقواعد :
·
مدرسة
الحوليات ترتكز على دراسة الاقتصاد والمجتمع والحضارة ضدا على المنهج الكلاسيكي في
الكتابة التاريخية التي تتميز بضيق الأفق
وانعدام النظرة الاستشرافية للمستقبل .
·
التراث الشعبي- الشفهي أقسامه وأنواعه عديدة
: عادات – تقاليد - معتقدات – فنون – أدب شعبي – وثقافة مادية ...
·
لا يمكن لباحث أو مؤرخ اليوم الاستغناء عن
التراث الشعبي – الشفهي نظرا لأنه يسكن
الباحث والمؤرخ قبل أن يعتمد عليه في دراساته التاريخية.
·
إذا اعتمد المؤرخ أو الباحث على التراث
الشعبي – الشفهي في كتاباته التاريخية ؛عليه
أن يتحرى المكتوب منه ما أمكن .وإذا لم يتسنى له ذلك؛ ينقل المظاهر التراثية كما
شاهدها وعاينها ؛و سمعها أو قرأها خصوصا إذا كانت الدراسة بأكملها تستغرق ذلك.
·
مثال: دراسة د. عبد الله حمودي : حول
"الضحية وأقنعتها" كما تقدم أو "غناء العيطة والشعر الشفوي
والموسيقى التقليدية في المغرب " للباحث حسن ناجمي ودراسات أخرى .
وإذا كان هذا البحث قد بسط جزءا من النقاش والجدل الدائر بجدية اعتماد التراث الشعبي – الشفهي في الكتابة التاريخية
فلعل أقلا م باحثين آخرين ستتناول الموضوع من زوايا أعمق وأشمل وأدق .
هوامش البحث
([1]) فيما يتعلق بالكذب والتزييف في الحقائق في الرواية
التاريخية وقف د. حسن عثمان على جملة ما يمكن للباحث في التاريخ التعرض
له أثناء دراسته لقضية تاريخية معينة عن مدى صدقية الأقوال وصحتها أو خطئها حيث
قال " ويلزم الباحث الشك فيما لديه من الأقوال المتعارضة ودراستها والاعتراف
بإمكان وجود الكذب والخطأ فيها، بصورة أو بأخرى، فالنقد الباطني السلبي عملية
ضرورية لتصفية الحقائق واستبعاد الزائف منها بقدر المستطاع " حسن عثمان،
منهج البحث التاريخي، دار المعارف، ط6 ؛ د.ت ص :124- 125 . واضاف
" وأشد الكذب أثرا في النفس، ما احتوى على عنصر كبير من الحقيقة، واحتوى أيضا
على تبديل وتغيير وعرض بأسلوب خاص " نفسه ص: 127- 128.
([2]) وجد د . عبد الله بن ابراهيم عسكر أن مصطلح التراث
الشفهي أقرب للتاريخ من غيره من المصطلحات كالتراث الشعبي أو المأثورات الشعبية أو
الفلكلور رغم أنه عبر عن عدم
تأثير ذلك على العلم الذي يهتم بالتراث البشري ما دامت كل المصطلحات تعبر عن
المراد . على حد قوله
- أهمية تدوين التاريخ الشفهي مجلة الدرعية العددان 39-40/مأخوذة عن موقع www.allukah.net/ تاريخ الاطلاع 15-02-2016.
([3]) الحبيب الجنحاني،
إشكالية تحديد السمات المنهجية لمدرسة تاريخية عربية ،مجلة الوحدة،
ع42، مارس 1988، ص :19.
([4]) حميد ياسين ناصر، إعادة كتابة التاريخ مدرسة
الحوليات الفرنسية أنموذجا ،يومية الزمان الالكترونية ،22ابريل، .2014 www.azzaman.com/10-02-2016.
([5])عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب، المركز
الثقافي العربي، ج1 ،ط5 ؛ 1996 ص: 18.
([6]) نفسه .ن .ص.
([7]) عبد الله العروي، مفهوم التاريخ المذاهب والالفاظ
،المركز الثقافي العربي، ج 1 ط 4 2005؛ص: 120.
([8]) الحبيب الجنحاني،
م س ص:21.
([9]) عبد الله العروي، مفهوم التاريخ ...م س ، ص:
112- 113.
([10]) نفسه ص : 130.
([11])حسن عثمان م س ص :80.
([12]) بن سالم حميش ،من الاستشراق التقليدي الى
الاستشراق المجدد ،مجلة الوحدة ع 42 مارس 1988 ص :72.
([13]) عبد الله العروي مجمل تاريخ المغرب
م س ص :15.
([14]) نفسه ،ص : 13.
([15]) عبد الله العروي ،مفهوم التاريخ ...م س، ص
: 23.
([16]) عبد العليم عبد الرحمن خضر،المسلمون وكتابة
التاريخ: دراسة في التأصيل الاسلامي لعلم التاريخ، المعهد العالمي للفكر
الاسلامي، 1415ه/1995م ص: 35.
([17]) تركي علي الربيعو ، محاولة في البحث عن معادل
حضاري : بعض
الملاحظات المنهجية حول اعادة كتابة تاريخنا القومي ، مجلة الوحدة ع 42 مارس 1988 ص: 91.
([18]) عن الإلياذة والأوديسا وبتفصيل
ينظر حلمي عبد الواحد خضرة ،خصائص التشكيل الفني في إلياذة هوميروس،
عالم الفكر ،م 16 ،ع1 ،ابريل – مايو-
يونيو 1985ص: من 47 الى 68.
وملحمة الإلياذة (Ilias.Iliadas)
مشتقة من كلمة إليو Ilion" " أو إليوس "Ilios "وهو إسم من أسماء مدينة
طروادة تعني قصة الحرب التي دارت رحاها في إليون ،نفسه، ص: 49.
([19])فاضل عبد الواحد علي
،ملحمة جلجامش ،عالم الفكر ،م16 ،ع1 1985، ص 35 " أن بطل
الملحمة شخصية تاريخية هو الملك السومري "جلجامش"
سادس ملوك سلالة الوركاء الأولى الذي حكم في حدود 2650 ق.م." نفسه ن .ص.
([20]) شاكر .ع. الحميد، الخيال
من الكهف إلى الواقع الافتراضي، عالم المعرفة ،ع 360 ،فبراير 2009 ص: 61.
([21]) نبيل علي،
الثقافة العربية وعصر المعلومات رؤية لمستقبل الخطاب، الثقافي العربي ،عالم
المعرفة ،ع276 ،دجنبر 2001 ، ص : 228.
([22])حمد جوهري ،البيان
والتواصل :
من المعلومة إلى إنجاز الثقافة، المناهل، ع 85 ،نونبر 2008 ص :
173.
*يقول عن كلمة أنتربولوجية ":
تعريب ل anthropologie" "الفرنسية
المكونة من جدرين اغريقيين "anthropos"
"الانسان" و " "logos"
العلم"
وهي مجموعة العلوم التي تدرس
الانسان . نجد من بينها الانتربولوجية الاجتماعية والثقافية اللتين تدرسان نظام
المؤسسات وبنياتها وصيروراتها في مختلف المجتمعات " نفسه . ص : 182 .
*وعن "إثنوغرافية :
تعريب ل Ethnographie" " الفرنسية المؤلفة من جذرين اغريقيين " ethnos" " الشعب" وgraphein""
" وصف " وهي الدراسة الوصفية للسلوكات الاجتماعية والانتربولوجية
لمختلف المجتمعات " نفسه ص : 182.
([23]) عبد العليم عبد الرحمن خضر،
المسلمون وكتابة التاريخ ... م س، ص : 26.
([24]) مقتطف من الموقع الالكتروني /www.almaany.com تاريخ الاطلاع 04-03-2016
([25]) ينظر :
محمد الجوهري، مقدمة في دراسة التراث الشعبي المصري ،ط 1، 2006 .
([26]) ينظر :محمد الجوهري، الدراسة
العلمية للمعتقدات الشعبية – سلسلة علم الاجتماع المعاصر، الكتاب العشرون ،ج1،
ط1 1978، دار الكتاب للتوزيع ،القاهرة.
([27]) عبد الله بن ابراهيم عسكر، م س.
([28]) نفسه.
([29]) محمد الجوهري مقدمة في دراسة
...م س، ص : 22.
([30]) نفسه. ص : 15 .
([31]) نفسه. ص : 11 .
([32]) نفسه. ص : 22.
([33]) مصطفى عربوش ، من تاريخ
منطقة اقليم تادلة و بني ملال، مكتبة الطالب، ط1، ابريل 1989: الصفحات: من
193 الى 292.
([34]) عبد الله العروي، مفهوم
التاريخ م س ص : 98 .
([35]) محمد الجوهري، مقدمة في
دراسة ...م س ص ص: 35- 36.
([36]) عبد الله حمودي، الضحية
واقنعتها بحث في الذبيحة والمسخرة بالمغارب ،ترجمة ع الكبير الشرقاويئ،
دار توبقال للنشر، ط1 ،2010، ص: 11
([37]) محمد الجوهري ،مقدمة في
دراسة ... م س، ص :36.
([38]) حسن ناجمي ،غناء
العيطة الشعر الشفوي والموسيقى التقليدية في المغرب، دار توبقال للنشر ،ج 1، ص ص: 41-42.
([39]) روبير اسبينيون، اعراف قبائل
زيان ،ترجمة محمد أوراغ، تنسيق احمد شعبهي، المعهد الملكي للثقافة
الامازيغية، مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط
.
([40]) عبد الله العروي، مفهوم
التاريخ ...م س .ص: 107.
([41]) ينظر مصطفى عربوش، م س .
([42]) الحبيب الجنحاني، م س ،ص :20.
([43]) احمد الجوهري، مقدمة في
دراسة التراث... م س، ص ص 11-12.
([44]) عبد الله العروي، مفهوم
التاريخ ...م س، ص: 108.