GuidePedia

0

يعتبر دانييل شروتر من الباحثين الأجانب الأوائل اللذين دشنوا ورشة تاريخ اليهود بالمغرب وهو ورش مازال مفتوحا على الكثير من القضايا المرتبطة بتاريخ يهود المغرب ودوره
الاقتصادي التجاري والسياسي عبر التاريخ،ويندرج كتاب يَهُودِيُّ السلطان المغرب وعالم اليهود السِّفَرَد من بين الاسهامات المهمة في البحث التاريخي ليهود المغرب وهذا العمل من ترجمة ذ. خالد بن الصغير، الرباط،ومن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية،بالرباط،وترجع أسباب تأليف هذا العمل كما أشار شروتر في مقدمة الكتاب الى مجموعة وثائقية خاصة في باريس سنة 1985، ترجع الى أسرة يهودية مغربية عريقة وصاحب هذه المجموعة الوثائقية هو صاموئيل ليڤي قرقوز وهي وثائق وأرشيفات تغطي فترة زمنية لتاريخ مدينة الصويرة.
ويستعرض هذا الكتاب تاريج التجار اليهود بالمغرب من خلال نموذج التاجر السلطاني المغربي مايير مقنين الذي أثار الفضول المعرفي للكاتب وظل يحاول معرفة خبايا هذا التاجر الذي لعب دورا مهما في الوساطة التجارية بين المغرب والدول الأوروبية وكما أنيطت له مهام دبلوماسية خارج المغرب،ولعل ظاهرة يهود البلاط قد تفشت خلال المرحلة التي يتحدث عنها الكتاب وقد أشار شروتر في كتاب أخر حول "تجار الصويرة"قائلا:
‹‹كانت التجارة الدولية في صميم الحياة الاقتصادية لمدينة الصويرة،وكان أكثر رجال المدينة تأثيرا هم تجار السلطان.اذ منحتهم علاقاتهم الاستثنائية بالسلاطين امتيازات خاصة على غيرهم من التجار... ››
وينقسم هذا الكتاب الى ثمانية فصول وأما عدد صفحاته فهي 448 صفحة ويمكن ابراز أهم ما جاء به الكتاب كما يلي:
ـ الحضور اليهودي في العالم الاسلامي ودورهم الاقتصادي والسياسي بالمغرب منذ عصر المولى سليمان:
أشار شروتر الى قيمة التعايش بين اليهود والمغاربة فرغم محاولات التدخل الأجنبي في شؤون المغرب لخلق التوثر بين اليهود والمسلمين فقد استطاع المخزن الاعتماد عليهم كوسطاء لممارسة الأنشطة التجارية والدبلوماسية مع أوروبا.
ـ وباء الطاعون وعالم اليهود في حوض المتوسط:
تطرق شروتر الى الانعكاسات البشرية للطاعون الذي ظهر بالمغرب مابين سنتي 1790 و 1800م حيث ساهمت  سفن البحر الأبيض المتوسط في انتقال العدوى بين مراسي والمدن المتوسطية وم تم انتقل الى المناطق الداخلية،وقد عرفت الصويرة خسائر في الأرواح تقارب أكثر من ثلث الساكنة  وزاد الطاعون من تدهور الأوضاع الاجتماعية والصحية بالمغرب وضعف السلطة المركزية نتيجة انتشار الفوضى بالمناطق المحلية وقد أشار شروتر في هذا الصدد الى انعكاسات هذا الطاعون على اليهود ونشاطاتهم التجارية بالمحيط الأطلسي والبحر المتوسط وهجرتهم الى أوروبا،وكما أشار شروتر الى الأسر التجارية اليهودية التي ربطت علاقات وساطة ببلدان أوروبا ماليهود الليفوريين اللذين لعبوا دورا مهما في التجارة الدولية والتي هيمنت على تجارة شمال افريقيا حيث استقر تجار يهود من شبكة ليفرنو بمرسى الصويرة حيث سام الاحتلال الفرنسي ليفرنو الى هجرة معاكسة للتجار اليهود الى المغرب في مطلع القرن 19م.
ـ آل مقنين ودورهم التجاري بالصويرة:
ينتمي مايير مقنين الى الطائفة السفردية المتصاعدة من المغاربة وقد تحكم في النشاط التجاري بمدينة والتي تربط بين المغرب وبريطانيا خلال العقد الأول من القرن 19م وساهم التركيز التجاري الأوروبي في أيدي التجار اليهوي في الصويرة الى اضطلاع تجار السلطان بالمكانة المرموقة في المدينة وعادت فوائدها على مايير مقنين الذي كان يعمل بتنسيق مع السلطات المخزنية،وقد اهتم مايير بشراء الكنائس اليهودية بكل من الصويرة ومراكش وأصبح الممثل الرسمي للمخزن في لندن بحكم علاقاته التجارية مع بريطانيا.
خلاصة القول أن كتاب دانييل شروتر يشكل مساهمة جادة في البحث التاريخي حول يهود المغرب للكشف عن دورهم الاقتصادي بالمغرب ولعل أطروحة شروتر تنبطق من اطار انتقاده للكتابات الاستعمارية التي اتهمت اليهود المغاربة في سقوط المغرب تحث نير الاستعمار وجاء رد شروتر قاسيا مدافعا عن دور اليهود المغاربة في الانتعاش الاقتصادي للمغرب عبر التاريخ

إرسال تعليق

 
Top